[حكم الكدرة والصفرة]
١٣٤ - وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: «كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا». رواه البخاري, وأبو داود واللفظ له.
«أم عطية» أنصارية معروفة رضي الله عنها قالت: «كنا لا نعده». «كنا» يعني: معشر النساء, ولم تقل: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم, ومثل هذا اختلف فيه العلماء هل هو من اجتهاد الصحابة أو له حكم الرفع, ما لو قالت: في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فلا شك أنه في حكم الرفع, لكن هنا لم تقل: في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, فلذلك هل نقول: إنه في حكم الرفع, أو نقول: إنه من عمل الصحابيات واجتهادهن؟ وقوله: «لا نعد»؛ أي: لا نحسبها ولا نعتبرها, و «الكدرة» أن يكون الدم متكدرًا, وشبهوا ذلك بغسالة اللحم, وأما «الصفرة» فهو شيء يشبه الصديد أصفر, «بعد الطهر» أي: بعد زمن الحيض, يعني: إذا طهرت المرأة بالقصة البيضاء ثم وجدت الكدرة أو الصفرة فإنها لا تعد شيئًا, ومعنى «لا تعد شيئًا» أي: لا تعد شيئًا معتبرًا في الحيض, وإلا فإنها تنقض الوضوء, وإذا استمرت مع المرأة صار لها حكم سلس البول.
المؤلف يقول: «رواه البخاري, وأبو داود, واللفظ له» , وهذا سهو من المؤلف رحمه الله, فإن البخاري لم يرو: «بعد الطهر» , وإنما رواية: «بعد الطهر» لأبي داود, ولا يسلم المؤلف من التبعة حين قال: «واللفظ له» , بل نقول: كان الذي ينبغي أن يقول: «كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئًا» رواه البخاري, وأبو داود, وزاد: «بعد الطهر»؛ حتى يبين اللفظ الذي رواه البخاري من اللفظ الذي رواه داود.
هذا الحديث يدل على أن النساء قد يرين دمًا خالصًا, ويرين كدرة, ويرين صفرة, وفيه قسم رابع يرين ماء أبيض وهي القصة البيضاء.
وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في هذا الحديث هل هو مرفوع أو موقوف هذه واحدة, فإن كان مرفوعًا فهو حدة, وإن كان موقوفا فهو رأي واجتهاد قابل للنقاش.
ثانيًا: وعلى تقدير صحته وأنه مرفوع فإنهم اختلفوا أيضًا هل هذا يعني بعد حذف «بعد الطهر»؛ لأن «بعد الطهر» ليست في البخاري هل تعد الصفرة والكدرة شيئًا أو لا تعد؟ على أقوال متعددة تبلغ الستة والسبعة؛ لأن الحديث:
أولًا: غير صريح في الرفع. وثانيًا: ليست زيادة «بعد الطهر» متفق عليها, ولا من رواية البخاري؛ فالعلماء اختلفوا, منهم من قال: الصفرة والكدرة ليستا بشيء سواء كانتا قبل الحيض