لما كانت الأمور لا تتم إلا بإثبات ونفي جعل العلماء -رحمهم الله- باباً للترغيب وباباً للترهيب ليكمل سير الإنسان وأخلاق الإنسان؛ لأن الأخلاق قسمان: أخلاق مطلوبة يرغب فيها، وأخلاق غير مطلوبة يرهب منها، ولهذا قال: باب الترهيب من مساوئ الأخلاق، والأخلاق جمع خلق وهي الصورة الباطنة أي: ما يتخلق به الإنسان، لأننا نقول: خَلق وخُلُق، الخَلق الصورة الظاهرة والخُلُق الصورة الباطنة أي: ما يتخلق به الإنسان، الأخلاق منها سيئ ومنها حسن ومنها ما لا يوصف بسوء ولا حسن.
[النهي عن الحسد]
١٤٢٠ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات، كما تأكل الناء الحطب". أخرجه أبو داود.
- ولابن ماجه: من حديث أنسٍ نحوه.
قوله:"إياكم والحسد" الجملة هذه جملة تحذيرية أي: أحذركم الحسد، لكن قدم الضمير اهتماماً بالأمر.
[تعريف الحسد وأقسامه]
والحسد هو: تمني زوار نعمة الله من غيرك، بأن يتمنى الإنسان أن يزل الله النعمة عن غيره سواء تمنى أن تزول النعمة إليه أو أن تزول النعمة عن غيره لا إليه، أو ان تزول النعمة عن غيره إلى غيره بالأقسام ثلاثة، كل هذا من الحسد هذا هو المعروف عند جمهور العلماء في تعريف الحسد، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الحسد كراهة نعمة الله على الغير أن يكره أن ينعم الله على غيره وهذا أعم، فإذا رأيت نفسك تكره أن ينعم الله على غيرك بعلم أو مال أو خُلُق أو صحة أو ما أشبه ذلك فاعلم أن فيك شيئاً من الحسد حاول أن تقضي عليه؛ ولهذا قال الله عز وجل:{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيبٌ مما اكتسبوا وللنساء نصيبٌ مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله}[النساء: ٣٢]. لكن لا تتمن أن نعمة الله على فلان تأتي إليك بل اسال الله من فضله فالذي أعطاه قادر على أن يعطيك، وقوله صلى الله عليه وسلم:"فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" أي: الحسد يأكل حسنات الحاسد كما تأكل النار الحطب، والنار وإذا أوقدت على الحطب أكلته، وهذا تعليل بالحكم فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن في الحسد ذهاب الحسنات كيف تذهب الحسنات؟