للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على هذا الجمع، ما هو التعليل؟ لقوله: "إنما هو بضعة منك"، فيكون إن مسه هو بشهوة فقد مسه لا على أنه بضعة منه فيجب عليه الوضوء، وإذا كان لغير شهوة لم يجب، لكن إذا قلنا: لا يجب ألا يمكن أن نقول: يستحب؟ الجواب: بلى، نقول: إنه يستحب.

فإذا قال قائل: كيف تقولون إنه يستحب، وأنتم لو أن أحدا سألكم عن شخص مس أذنه أيستحب أن يتوضأ؟ قلنا: لا؛ إذن لماذا؟

نقول: احتياطا لأن هذا - أعني: مس الذكر- ورد الأمر فيه بالوضوء بخلاف مس الأذن.

وعلى هذا فيكون خلاصة القول: إن مسه لشهوة وجب عليه الوضوء، وإن مسه لغير شهوة لم يجب عليه الوضوء، لكن يستحب احتياطا، وحينئذ نكون جمعنا بين الحديثين، ولا نحتاج إلى الترجيح؛ لأن ابن المديني رحمه الله يرى أن حديث "طلق" أرجح من حديث "بسرة"، والبخاري يقول: "إنه أصح شيء في هذا الباب". ولا يخفى أن البخاري رحمه الله اطلع على حديث "طلق"، ولكن يرى أن هذا أصح شيء في هذا الباب، ونقول: لا حاجة إلى الترجيح ما دام الجمع ممكنا.

بقي علينا "مس الأنثيين"، هل ينقض الوضوء؟ الجواب: لا، حتى وإن كان لشهوة فإنه لا ينتقض الوضوء، أيضا من مس ذكر غيره فهل ينتقض وضوؤه؟ نقول: ظاهر الحديث لا، وظاهره ولو لشهوة كما لو مست المرأة ذكر زوجها لشهوة لكن هنا ينبغي الوضوء.

مسألة: لو أن المرأة تطهر طفلها الصغير من النجاسات وغيره هل ينتقض وضوؤها؟ لا ينتقض؛ لأنها قطعا لم تمسه لشهوة، ثم هي مست ذكر ابنها فلا يدخل في هذا الحديث.

أيضا مسألة: لو أنه مس الدبر فهل ينتقض وضوؤه؟ لا ينتقض، لكن في بعض ألفاظ الحديث: "من مس فرجه"، وعلى هذا اللفظ نقول: إنه يستحب الوضوء من ذلك ولا يجب.

[القيء والرعاف والقلس]

٦٨ - وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أصابه قيء أو رعاف، أو قلس أو مذي؛ فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم". أخرجه ابن ماجه، وضعفه احمد وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>