للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أيضًا مما سبق من الأحاديث: أن الصدقة لا تحل لآل النبي صلى الله عليه وسلم، فسبق أن العلماء اختلفوا في صدقة التطوع هل تحل لهم أو لا؟ واختلفوا فيما إذا منعوا الخمس هل تحلُّ لهم الزكاة أم لا؟

[جواز الأخذ لمن أعطي بغير مسألة]

٦١٨ - وعن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطَّاب العطاء، فيقول: أعطه أفقر منِّي، فيقول: خذه فتموَّله أو تصدَّق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرفٍ ولا سائلٍ فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك". رواه مسلم.

قوله: "كان يعطي عمر بن الخطاب" ما هذا العطاء؟ هذا العطاء هو العمالة على الصدقة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث عمر على الصدقة فلما رجع أعطاه منها سهم العاملين عليها، فكان عمر يقول: "أعطه أفقر مني"، وهذا من زهده رضي الله عنه حيث طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعطيها أفقر منه.

وقوله: "أعطه أفقر مني" ليس أمرًا فيما يظهر؛ لأن مثل عمر لا يأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وليس التماسًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى من عمر، إذن فما هو؟ سؤال لكنه أشد أدبًا من الالتماس، الالتماس نحو: أن يسألك قرينك وهو يشعر بأنك مثله في المرتبة لكن السؤال يسألك السائل وهو يرى أنك أعلى منه، فإن رأى أنك دونه فهو أمر، وقوله: "أفقر مني" إشارة إلى أن الناس يختلفون في الغنى والفقر، وأن الأفقر أحق بالعطاء من الأغنى.

وقوله: "فتموله أو تصدق به"، "تموله" أي: اجعله مالًا لك تنتفع به في حياتك، "أو تصدق"؛ به يعني: اصرفه إلى الفقير الذي قلت: إنه أفقر منك تقربًا إلى الله، فالفرق بين الصدقة والهدية: الصدقة ما أعطي تقربًا إلى الله.

ثم قال: "ما جاءك من هذا المال"، قوله: "هذا" لا شك أنه إشارة، و"المال" هل المراد بها: الجنس، أو المراد بها: العهد؛ يعني هل المراد بالمال هنا: مال الزكاة، أو المراد: جنس المال؟ يحتمل، وقد يرجح أن المراد به: الزكاة، اسم الإشارة هذا المال؛ لأن عمر كان عاملًا على الصدقة، فهذا يرجح أن يكون المراد به: مال للزكاة، ولكن حتى وإن كان اللفظ لا يشمل سواه من الأموال من حيث اللفظ فهو يشمله من حيث المعنى بالقياس؛ لأن الشمول المعنوي هو ما شمل الأشياء بالقياس، والشمول اللفظي: هو ما شمل بمقتضى دلالة اللفظ.

وقوله: "وأنت غير مشرف" الواو حالية، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الفاعل في "جاءك"، أو من المفعول؟ من المفعول فهي حال من الكاف. وقوله: "غير مشرف"، المشرف

<<  <  ج: ص:  >  >>