للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو المراد صار حقيقة في موضعه، وهذا هو الذي جعل شيخ الإسلام ينكر وجود المجاز في اللغة قال: لأن دلالة القرينة على المعنى المراد في السياق المعين تمنع إرادة المعنى الأصلي ويكون استعمال هذا اللفظ في موضعه حقيقة لا مجازًا، ولهذا لما أنكر عليه، قيل: كيف تنكر المجاز في اللغة وهو موجود؟ ! فيقال: فلان كثير الرماد كناية عن كرمه، ويقال: فلان طويل، عماد البيت كناية عن سيادته؛ لأن السيد في العادة يكون له البيت الرفيع العماد، قال: نعم، لكن هذا اللفظ في هذا السياق يعين المعنى ولو أردت المعنى الحقيقي ما استطعت، فيكون هذا استعماله في هذا المعنى حقيقة، وعلى أن الكناية وإن كان المعنى المراد بها خلاف ما يظهر من اللفظ لكن اللفظ الذي استعملت فيه حقيقة هو كثير الرماد وطويل العماد، لكن هو يدل على المعنى اللازم.

* * *

[٤ - باب الرضاع]

[تعريف الرضاع]

الرضاع مصدر أو اسم مصدر؟ ننظر يقال: رضع يرضع رضعًا.

إذن فالرضاع اسم مصدر؛ لأنه إذا دلت الكلمة على معنى المصدر واحتوت على حروفه الأصلية دون الزائدة فهي اسم مصدر، فالكلام مثلًا يعتبر اسم مصدر؛ لأنك تقول: كلَّم يكلم تكليمًا؛ إذن الكلام بمعنى التكليم لكن ليس على حروفه فيكون اسم مصدر، السلام كذلك اسم مصدر؛ لأن المصدر من سلَّم تسليمًا، لكن سلام يدل على التسليم، ولكن ليس فيه حروفه الزائدة فيكون اسم مصدر، إذن الرضاع اسم مصدر وهو في الأصل: مصُّ الطفل اللّبن من الثدي أي ثدي حتى لو التقم ثدي شاة فهو رضاع لكن لا يؤثر إذن فالرضاع مصُّ الطفل اللبن من الثدي هذا في الأصل وعلى هذا فلو أن المرأة حلبت اللبن في إناء وشربه فإنه لا يعدُّ رضاعًا لغة وهل يعدُّ رضاعًا شرعًا؟ فيه خلاف، أما الظاهرية فيقولون: إن هذا ليس برضاع وأنك لو أسقيت لطفل خمسة فناجيل لم يكن شيئًا لأنه ليس رضاعًا لغةٍ ولكنه لغة شرب فلا يؤثر، لكن سيأتينا أن قول الجمهور: هو عدم الفرق بين مصِّ اللبن من الثدي أو شربه ونحوه؛ بدلالة السنةُّ على ذلك، الرضاع محرم يثبت به من أحكام النسب أربعة أحكام: تحريم النكاح، إباحة النظر والخلوة، المحرمة، إباحة السفر، وكل هذه فرع عن المحرمة لكن لا مانع من التفصيل، ولا يثبت به بقية أحكام النسب، كل أحكام النسب لا تثبت به إلا هذه الأربعة فقط: النفقة لا تثبت، تحمل الدِّية لا يثبت، الإرث لا يثبت، لكن لثبوت أحكام الرضاع شروط بينتها السنة، أما في القرآن فالرضاع مطلق؛ لقوله تعالى: {وأمهاتكم الَّتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} [النساء: ٢٣]. بدون شروط، لكن السُّنة بينت ذلك، منها قول المؤلف فيما نقله:

<<  <  ج: ص:  >  >>