١٠٨٣ - عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرِّم المصَّة والمصَّتان". أخرجه مسلمٌ.
"لا" نافية، "تحرم" فعل مضارع منفي، أي: لا يثبت التحريم بالمصة والمصتين، والمصُّ معروف، وهو: أن الطفل إذا التقم الثدي جذب اللبن منه بهذا المص، فالمصة الواحدة لا تحرم، والمصتان لا تحرمان، وهل هما رضاع؟ لغة رضاع لكن شرعًا لا أثر له؛ لأنه لم تتم به الشروط، والثلاث نقول منطوق الحديث أن المصة والمصتين لا تحرمان مفهومه أن ما زاد عليهما مؤثر وهو الثلاث فأكثر وبهذا أخذ بعض العلماء وقال: إن الرضاع المحرَّم ما بلغ ثلاث رضعات وما دونها لا يحرم بناء على المفهوم من هذا الحديث: "لا تحرم المصة والمصتان".
١٠٨٤ - وعنها رضي الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظرن من إخوانكنَّ، فإنَّما الرَّضاعة من المجاعة". متَّفقٌ عليه.
"انظرن": فعل أمر، والخطاب للنساء، والموجه إليه الخطاب عائشة رضي الله عنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها ذات يوم وعندها رجل فتأثر فبينت له أنه أخوها من الرضاع، فقال:"انظرن من إخوانكن؟ " خطاب للنسوة، لكنه موجه لعائشة، وهذا من ملاطفة عائشة رضي الله عنها أنه لم يواجهها بالخطاب، بل قال:"انظرن" جعله خطابًا عامًّا، وقوله:"من إخوانكن" الجملة استفهامية؛ أي: من الذي يكون أخًا أو ليس بأخ؟ لأنها قالت: إنه أخي.
ثم قال:"فإنما الرضاعة من المجاعة" المعنى: إنما الرضاعة المؤثرة ما تغني من المجاعة وعلى هذا فيكون المعنى: أن الطفل يتغذى باللبن؛ لأنه لا يغني من المجاعة إلا إذا كان يتغذى به، أما إذا كان يتغذى بالطعام فيغنيه من المجاعة الطعام، وهذا يدل على أنه لا بد من شرط في الرضاع غير العدد، الشرط أن يكون في الزمن الذي يتغذي فيه الطفل باللبن فإن فطم فلا أثر للرضاع لماذا؟ لأنه إذا فطم لا يدفع جوعته اللبن وإنما يدفعها الطعام؛ وبناء على هذا نقول: يشترط للرضاع أن يكون قبل الفطام، وهذا كما أنه مقتضى الدليل السمعي فهو مقتضى الدليل العقلي أيضًا لأنه إذا كان بعد الفطام فإن تغذي الطفل به ضعيفٌ إذ إنه يتغذى بالمأكول والمشروب وغذاؤه باللبن ضعيف، لكن إذا كان لم يفطم فهو محتاج إلى اللبن يتغذى به وينمو به جسمه وهذا الذي دل عليه الحديث هو القول الراجح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه