يشترط للرضاع أن يكون قبل الفطام لأنه هو الذي تندفع به المجاعة. إذن عندنا شرطان: الأول: عدد يزيد على الثنتين لقوله: "لا تحرم المصة والمصتان"، الشرط الثاني: أن يكون قبل الفطام في زمن تندفع به المجاعة وهذا هو القول الراجح وذهب بعض العلماء إلى أن المعتبر السن فما كان في الحولين فهو محرم وما كان بعدهما فليس بمحرم سواء فطم أم لم يفطم واستدلوا بقوله تعالى: {? والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}[البقرة: ٢٣٣]. فبين الله تعالى أن تمام الرضاعة يكون بتمام الحولين قالوا ولأن الحولين زمن يمكن الإحاطة به لأنه معلوم لكن الفطام أمر تختلف فيه الأفهام فلا ندري هل هذا فطم أم لم يفطم؟ نحن نراه إذا بكي ثم القمناه التدي سكت ولذا بكى ثم أعطيناه ثمرة سكت. إذن هو مفطوم أو غير مفطوم؟ لا ينضبط فقالوا: إن الفطام لا ينضبط وإذا كان أمر لا ينضبط فالسنتان أمر منضبط فليكن الرجوع إليها حتى لا يحصل الشك أو التشكك ولكن يقال في الجواب عن ذلك إن الفطام أمر معلوم في العرف؛ فرق بين الطفل نأتي له بالطعام والشراب مع الناس يتغدى ويتعشى ويفطر، أو نعطيه الحلوى أو الكعك ويستغنى به، وطفل لا يمكن أن يأكل من هذا شيئًا إلا نادرًا في اليوم والليلة ويحتاج إلى اللبن وذهب بعض العلماء إلى أن المعتبر الأكثر، يعني: إن فطم قبل الحولين فالمعتبر الحولان، وإن تم الحولان قبل الفطام فالمعتبر الفطام، وكأن هذا القول أراد به قائله أن يجمع بين الدليلين فيقول تعتبر بالأكثر، لكن الذي يظهر لي من الأدلة أن المعتبر الفطام؛ لأنه هو الذي يتضمن العلة المعقولة وهي تغذي الطفل باللبن ولا يمنع أن يكون غير مفطوم إذا أكل ثمرة أو ثمرتين أو قرصنا أو قرصين هذا لا يمنع هو لم يفطم ولو أكل مثل هذا الشيء لأنه شيء يسير جرت به العادة إذن نأخذ شرطين: الشرط الأول: هذا، والشرط الثاني: ألا يكون أقل من مصتين.
من فوائد حديث عائشة الأول: أن للرضاع تأثيرًا في الأحكام الشرعية؛ لقوله:"لا تحرم المصة والمصتان".