ومنها: أنه لا حرج على الإنسان أن يدعو الله تعالى بحسنة الدنيا، والذي يضر الإنسان أن يؤثر الدنيا على الآخرة، أما أن يطلب الخير في الدنيا والآخرة فلا حرج عليه، ها هو النبي صلى الله عليه وسلم سيد الورعين والزاهدين يقول:"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة"، ولاشك أن الله إذا منّ على الإنسان بحسنة الدنيا والآخرة فإن حسنة الدنيا ستكون عونًا له على حسنة الآخرة؛ لأنه يتفرغ ويعمل عملاً صالحًا.
ومن فوائد الحديث: إثبات الآخرة، وإثبات النار لقوله:"وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
ومن فوائد الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه لا يملك أن ينجي نفسه من النار، لقوله:"وقنا عذاب النار"، وهذا أمر لا يحتاج إلى تعمق أو تأمل لوضوحه، حتى إن الله تعالى أمره أن يقول معلنًا على الملأ:{إني لا أملك لكم ضرًا ولا رشدًا قل إني لن يجيرني من الله أحدٌ} يعني: لو أرادني بسوء لم يجيرني أحد، {ولن أجد من دونه ملتحدًا}؛ أي: لا أجد أحدًا ألجأ إليه دون الله.
[من صيغ الاستغفار]
١٤٩٧ - وعن أبي موسي الأشعريَّ رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: "اللهمَّ اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به منَّي، اللهمَّ اغفر لي جدَّي، وهزلي، وخطئي، وعمدي، وكلُّ ذلك عندي، اللهمَّ اغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به منَّي، أنت المقدَّم وأنت المؤخَّر، وأنت على كلَّ شيءٍ قديرٌ}. متفق عليه.
هذا دعاء مفصل وجامع وكله في دفع ما يضر الإنسان؛ أي: كل هذا السؤال سؤال الله تعالى أن يدفع ما يضر الإنسان، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر لي خطيئتي" وقد قال صلى الله عليه وسلم: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"، وقوله: "وجهلي" هذا مقابل الخطيئة، فالخطيئة ما فعله عن عمدٍ، والجهل ما فعله عن خطأ، وفرق بين الخطيئة وبين الخطأ؛ لأنه سيأتي الخطأ في قوله "وخطئي وعمدي"، فالخطيئة أن يرتكب الإنسان الخطأ عن عمد.
فإن قال قائل: هل الرسول صلى الله عليه وسلم يتعمد الخطأ؟
نقول: لا يمكن أن يتعمده بقصد الخطأ، وإنما يتعمده لكونه يظن أن ذلك خير، ولكن يتبين أن الأمر بخلافه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر.