للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفلاني، وإلا فالنعال لك فوافق صاحب الدكان، وهذا دليل على أنه يرى جواز هذه المسألة، ومن المعلوم أن من رجح قولا على قول فإنه يلزمه أمران: بيان وجه الترجيح والإجابة عن أدلة الآخرين، فما هو وجه ترجيح هذا القول؟ أنه داخل في عموم قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة: ١]. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم إلا شرطا أخل حراما أو حرم حلالا»، وهذا شرط لا يحل حراما ولا يحرم حالا، وأما الإجابة عن قولهم أن هذا من باب إغلاق الرهن، فنقول: هذا ليس من باب الإغلاق في شيء، لماذا؟ لأنه باختياره، ولم يكرهه على هذا أحد.

من فوائد الحديث: أولا: تحريم أخذ المال بغير رضا صاحبه سواء قلنا: "لا" ناهية أو نافية.

ومن فوائده: أن الرهن لا ينقل الملك عن المرهون بل هو باق على ملك الراهن لقوله: "من صاحبه" وهو كذلك.

ومن فوائد الحديث: تحريم إغلاق الرهن بصورتيه وهو أن يستغل المرتهن هذا الرهن أو يأخذه قهرا إذا حل الأجل بغير رضا صاحبه.

ومن فوائده: الإشارة إلى القاعدة المعروفة وهي أن الغنم بالغرم، وهذه القاعدة مأخوذة من قوله صلى الله عليه وسلم: «الخراج بالضمان» ومن هذا الحديث أيضا لقوله: «له غنمه وعليه غرمه» فمن عليه غرم شيء فله غنمه، كيف تحمل الراهن والغرم ولا نعطيه الغنم؟

[الترغيب في حسن القضاء]

٨٢٥ - وعن أبي رافع: «أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل نت الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فقال: لا أجد إلا خيارا رباعيا، فقال: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء». رواه مسلم.

"استلف" أي: اقترض، لأن السلف يطلق على السلم، ويطلق على القرض؛ لأن في كل منهما تقديما، ففي السلم تقدير الثمن وتأخير المثمن، وفي القرض تقديم المقترض وتأخير الوفائ.

وقوله: "بكره" البكر هو الصغير من الإبل، وقوله: "من إبل الصدقة" يعني: الزكاة وقوله: "يقضيه بكره" أي: يوفيه، وقوله: "بكره" أي: عوض بكره لا البكر الذي استسلف؛ لأن البكر الذي استسلف مضى على سبيله، ويحتمل أن يقال: "بكره" أي: بكرا مماثلا لبكره، وعلى هذا فيكون فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>