١٣٩٦ - وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قاطع» يعني: قاطع رحمٍ. متفق عليه.
المؤلف رحمه الله بدأ بالترغيب ثم بالترهيب وأيهما أولى: أن نبدأ بالترهيب ثم الترغيب أو العكس؟
الترغيب في الواقع البداءة به ينشط الإنسان ينشط على العمل؛ لأنه يرجو هذا الذي حصل من الثواب ثم يقال: احذر أن تخالف فيحصل لك العقوبة، لكن لو بدأته من أول بالعقوبة ربما يكون عنده شيء من النفور فيرغب أولا ثم يحذر من التقصير، يقول صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل الجنة قاطع» أي: قاطع رحم، وهذا تحذير شديد من قطيعة الرحم، وأنه سبب لعدم دخول الجنة كما أنه سبب للعنة والطرد والإبعاد عن رحمة الله، قال الله تعالى:{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}[محمد: ٢٢، ٢٣]. وقال تعالى:{والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}[الرعد: ٢٥]. ففي الحديث إذن الترهيب من قطيعة الرحم، وما هي قطيعة الرحم؟
ألا يصل إليهم خير منه، فيشمل ما إذا لم يصل الخير، وما إذا وصل الشر، فالإنسان بالنسبة لأرحامه أي: لقرابته له ثلاث حالات إما أن يصل، وإما أن يقطع بلا إساءة، وإما أن يسيء أيهما أشد؟
المسيء والقاطع محروم من دخول الجنة، والواصل قد تكفل الله تعالى بصلته؛ لأنه تكفل للرحم أن يصل من وصلها.
فإن قال قائل: ما هو الواصل وما هو القاطع؟
قلنا: قد بينه الرسول صلى الله عليه وسلم أتم بيان فقال: «ليس الواصل بالمكافئ إنما الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها»: أما الذي يقول إن وصلوني وصلتهم وإن قطعتموني قطعتهم فهذا ليس بواصل إنما هو مكافئ؛ لأن كل إنسان بمروءته وطبيعته السليمة إذا وصله أحد من الناس ولو كان بعيدًا فإنه سوف يصله مكافأة، فإذا كان الرجل يقول: إذا لم يزرني لا أزوره وإذا لم يهد إلي لا أهدي إليه، وإذا لم يعدني وأنا مريض لن أعوده، وهو قريبه، نقول: أنت الآن غير واصل، إذا كنت واصلاً فصل الرحم سواء وصلوك أو قطعوك، فإن قال قائل: الحديث يدل على أن القاطع لا يدخل الجنة، والمعروف أن الخلود في النار لمن كان كافرًا، فهل القاطع كافر؟