الحديث وبين قوله تعالى:{فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}[الأعراف: ٣٤]؟ قلنا: أصلاً لا معارضة، ومراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحث على صلة الرحم، ثم إن وصل الإنسان رحمه علمنا أنه قد كتب أنه واصل وأن أجله إلى الأمد الذي قدره الله له بسبب صلة الرحم، وليس في هذا إشكال، والعجب أن كثيرا من العلماء أشكل عليهم هذا الحديث إشكالاً عظيمًا حتى أدى بعضهم إلى أن يقول: إن الأجل أجلان أجل للقاطع وأجل للواصل، وهذا غير صحيح بل نقول: أليس الرسول قد قال: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه» فجعل للجنة سببًا وحث الناس عليه مع أن من كان من أهل الجنة فهو من أهل الجنة، لكن بهذا السبب، كذلك أيضًا الأجل إذا وفق الله هذا الرجل للصلة علمنا أن أجله قد امتد بسبب الصلة فمثلاً على فرض أن إنسانًا لم يصل رحمه وكان عمره خمسين سنة، إذا وصل رحمه يكون عمره أكثر مثلاً خمس وخمسين، هل في هذا معارضة في كون الإنسان إذا جاء أجله لا يتقدم ولا يتأخر؛ لأن أصل الأجل الذي هو خمس وخمسون أصله مكتوب من أول على أن هذا الرجل سوف يصل الرحم، ولا إشكال كذلك أيضًا يقال في الرزق:«ومن أحب أن يسبط له في رزقه فليصل رحمه» إذا قال: الرزق مكتوب يكتب على الجنين رزقه وأجله وعمله وشقي وسعيد وهو في بطن أمه قلنا: نعم، لكن قد كتب له هذا الرزق المعين وصلة الرحم كلاهما مكتوب لكن كون الإنسان قد كتب رزقه وأجله وكتب صلته هو لا يعلم بذلك إذن فمقصود الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الحث على صلة الرحم، كذلك لو قلت من أحب أن يولد له فليتزوج، من يولد له بلا زوجة هل نقول مثلاً: إن كان الله قد قدر أنه يولد له فإنه سيولد له، نقول: لا، لا يولد له إلا أن يتزوج فالمسألة لا إشكال فيها إطلاقًا صحيح في أول وهلة قد يظن الظان أن الأجل يمتد وهو قدر أن الرزق يتوسع وهو قد قدر له رزق طيب نقول: لا هذا مرتبط بما في علم الله عز وجل، المهم: أن هذا في حث على صلة الرحم وأنها سبب لكثرة الرزق وطول الأجل.