احتاط وقال: آخذ بالقولين فما بلغ خمس أواقٍ أوجبت الزكاة فيه وإن لم يبلغ مائتي درهم وما بلغ مائتي درهم أوجبت الزكاة فيه وإن لم يكن خمس أواقٍ، لو ذهب ذاهب إلى هذا لكان له وجه.
ومن فوائد هذا الحديث: جريان الجبران في زكاة الإبل كيف ذلك الذي ليس عنده السِّن الواجب ينتفي، من عنده أعلى منه يدفع الأعلى ويأخذ الجيران والذي عنده سن واجب أو عليه سن واجب وليس عنده وعنده دونه فإنه يدفع الأدون والجبران، الدليل قوله:"ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا لم تكن عنده السن الواجب ولا ما دونه ولا ما فوقه فإنه يرجع إلى الأصل ويخرج السّن الواجب، مثال ذلك: رجل عليه حقة وليس في إبله لا حقة ولا جذعة ولا بنت لبون ماذا يصنع؟ نقول ارجع للأصل وهو الحقة.
وهل يستفاد من الحديث جواز إخراج القيمة في الزكاة؟ مقيد بالمصلحة وإلا فلا، يعني: أن الأصل أن تخرج الزكاة من جنس المال، وإن كانت الزكاة تخرج من غير جنسه كالغنم فيما دون ((٢٥)) من الإبل فمن الغنم، فإذا كان هنالك حاجة فإنه تخرج القيمة أو كان هناك مصلحة واختار المصدق أن يأخذ القيمة فله ذلك، وقد نصَّ على هذا الإمام أحمد رحمه الله، وشيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقال الإمام أحمد: إذا باع بستانه بدراهم فإنه يخرج العشر من الدراهم، ولا يقال: لا بد أن تعطينا تمرًا أو حبًا، بل يأخذ من الدراهم ولا حرج.
ومن فوائد هذا الحديث: التيسير على العباد من قوله: "إن استيسرتا"، ومن أخذ ما دون الواجب أو ما فوقه إذا كان عنده ولا يكلَّف أن يحصل الواجب عليه هذا ما تيسر وربما عند التأمل يرى طالب العلم فوائد أخرى.
[زكاة البقر ونصابها]
٥٧٣ - وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كلِّ ثلاثين بقرةً تبيعًا أو تبيعةً، ومن كلِّ أربعين مسنَّةً، ومن كلِّ حالمٍ دينارًا أو عدله معافريًّا". رواه الخمسة، واللَّفظ لأحمد، وحسَّنه التِّرمذيُّ وأشار إلى اختلافٍ في وصله، وصحَّحه ابن حبَّان، والحاكم.
قوله:"بعثه ... " إلخ كان ذلك في ربيع الأول في السَّنة العاشرة من الهجرة، بعثه داعيًا إلى الله ومعلما وحاكما وواليا.