للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعًا أو تبيعة"، "بقرة" منصوبة؛ لأنها تمييز للعدد ثلاثين، و"تبيعًا" مفعول "يأخذ" التبيع أو التبيعة هو الصغير من البقر الذي بلغ سنة، والتبيع ذكر، والتبيعة أنثى، والمسنة ما تم لها سنتان وهي أنثى قال: "ومن كل حالم دينارًا"، "الحالم" البالغ دينارًا هذا في الجزية، والدينار الواحدة من النقود الذهبية ويسمَّى عندنا جنيه.

"أو عدله معافريًّا" "عدله" أي: ما يعادله، "معافريًّا" هذا وصف أو اسم لثوب، يسمى كذلك نسبة لمعافر حي من أحياء اليمن.

ففي هذا الحديث: وجوب الزكاة في البقر وهو محل إجماع، ولكنه يلاحظ أنه لا بد أن تكون سائمة، فإن كانت لغير السَّوم فإنها ليسرى فيها زكاة، كما لو كان عند إنسان ثلاثون بقرة أعدها في مزرعته يعلفها فإن هذه ليس فيها زكاة؛ لأنها ليست سائمة.

ومن فوائده أيضًا: أن في كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة؛ يعني: إما ذكر له سنة أو أنثى لها سنة، وهذا أيضًا محل إجماع.

ومن فوائده أيضًا: أن في كل أربعين مسنة؛ يعني: أنثى لها سنتان.

ومن فوائد هذا الحديث: أن ما دون الثلاثين من البقر ليس فيه زكاة، وهذا محل إجماع إلا عند بعض التابعين فإنه يقول إن الخمس من البقر فيها الزكاة كالإبل، ولكن هذا قياس مع الفارق ومع وجوب النص فلا يعتبر، والصحيح أنه لا زكاة فيما دون الثلاثين، وهذا من الوجوه التي يفرق فيها بين الإبل والبقر، وإلا فالغالب أن ما ثبت للإبل من الأحكام ثبت للبقر، يعني: فيما يتعلق بالواجب والإجزاء وما أشبه ذلك، لا فيما يتعلق بنقض الوضوء من لحمها أو الصلاة في أعطانها وما أشبه ذلك.

ومن فوائد هذا الحديث: إجزاء الذكر عن الإناث، يؤخذ ذلك من قوله: "في كل ثلاثين تبيع"، وهذا يدل على أن الذكر يجزئ في هذا الموضوع، وهنالك موضع آخر يجزئ فيه الذكر بدل الأنثى وهو ابن اللبون مكان بنت المخاض، وأيضًا التيس إذا شاء المصدِّق، وأيضًا إذا كان النصاب كله ذكورًا على خلاف فيه؛ لأن بعض أهل العلم يقول: إذا كان النصاب كله ذكورًا في الإبل فإن الواجب إخراج ما نصَّ عليه الشرع، يعني: بنت المخاضر، بنت اللبون، والحقة، والجذعة؛ لأن الأحاديث عامة، ولكن المشهور عند الفقهاء أنه إذا كان النصاب ذكورًا فإنه لا يكلَّف أنثى، والذي يظهر لي أن الأحوط إذا كانت الأنثى عنده أن يخرج الأنثى التي قدَّرها الشارع مثل أن يكون عنده خمسة وعشرون جملًا وعنده بنت مخاض، هل نقول: يجوز أن تخرج ابن مخاض بدلها؟ على المذهب يجوز، وعلى القول الثاني لا يجوز ما دامت بنت المخاض عندك فأخرجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>