أهل السعادة، وأهل الشقاوة فييسَّرون لعمل أهل الشقاوة، قرأ: {فأمَّا من أعطى واتَّقى (٥) وصدَّق بالحسنى (٦) فسنيسِّره لليسرى (٧)} [الليل: ٥ - ٧]".
فالمهم: أن ذكر الحكم بالدليل يعني: أن يكون الجواب بالدليل أو بذكر الحكم، ثم يقرن به الدليل هذا يرجع إلى اختلاف السائل أو المخاطب.
قال: والنسائي وزاد "إلا كلب صيدٍ"، لكنه زادها واستنكرها رحمه الله وقال: إنها منكرة، فالاستثناء ليس بصحيح كما هو القول الراجح في هذه المسألة، وقد سبق لنا أيضًا الكلام عليه، وبيَّنا أنه لو قيل: إن النهي عن ثمن الكلب إنما هو عن ثمن الكلب الذي يباح اقتناؤه؛ لأن ما لا يباح اقتناؤه لا يرد عليه البيع، إذ إن الإنسان لا يمكن أن يخسر مرتين الأجر والثمن.
[بطلان مخالفة الشرع]
٧٥٧ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "جاءتني بريرة، فقالت: إنِّي كاتبت أهلي على تسع أواقٍ، في كلِّ عامٍ أوقيَّةٌ، فأعينيني. فقلت: إن أحبَّ أهلك أن أعدَّها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها. فقالت لهم؛ فأبوا عليها، فجاءت من عندهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ. فقالت إنِّي قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلَّا أن يكون الولاء لهم، فسمع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرت عائشة النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم. فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنَّما الولاء لمن أعتق، ففعلت عائشة، ثمَّ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في النَّاس خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه. ثمَّ قال: أمَّا بعد، فما بال رجالٍ يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله عزَّ وجل، ما كان من شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطلٌ وإن كان مائة شرطٍ، قضاء الله أحقُّ، وشرط الله أوثق، وإنَّما الولاء لمن أعتق". متَّفقٌ عليه، واللَّفظ للبخاريِّ.
- وعند مسلمٍ فقال: "اشتريها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء".
بريرة هذه كانت أمة لقوم من الأنصار وصار فيها ثلاث سنن كما قالت عائشة في حديث آخر، منها هذه المسألة الآتية في الحديث.
ومنها: أنها خيرت على زوجها حين عتقت.
ومنها: أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل ذات يوم إلى البيت فطلب طعامًا فأتي إليه بطعام فقال: ألم أر البرمة على النَّار؟ قالوا: ذاك لحم تصدق به على بريرة، قال: "هو عليها صدقة ولنا هدية"، فهذه ثلاث سنن جاءت في هذه الأمة.