لم يترجح عندنا أحد القولين حينئذ نقول: ليس كل قول على الآخر حجة، وننظر نحن في الأدلة هل تدل على أحد القولين أو لا.
بحثنا هذا يعود إلى قول أبي هريرة رضي الله عنه:(فإنها إحدى آياتها) فالصواب: أن البسملة ليست إحدى آيات الفاتحة، وأنها آية مستقلة تفتح بها السّور، إلا سورة براءة فإن الصحابة رضي الله عنهم- حذفوها يعني: لم يبدءوها بالبسملة؛ لأنه وقع عندهم اشتباه، ولكن هذا الاشتباه -يا إخوان- لا تظنوا أنه لما اشتبه عليهم الأمر حذفوا شيئًا من القرآن؛ لأن الأصل عدم الفصل، فهم ساروا على قاعدة والمواضيع التي في سورة براءة قريبة من المواضيع التي في سورة الأنفال، ونحن نعلم أنها هكذا أنزلت، بمعنى: أن نعلم أنه لا بسملة؛ لأنه لو كان بسملة لم يكن الله تعالى ليضيعها، فقد قال تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[الحجر: ٩].
[التأمين وأحكامه]
٢٧٢ - وعنه رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: آمين». رواه الدارقطني وحسنه، والحاكم وصححه.
-ولأبي داود والترمذي من حديث وائل بن حجر نحوه ...
هذه أيضًا فيها دليل على استحباب التأمين وأن الإمام يرفع صوته بذلك، وكذلك المأموم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمن الإمام فأمنوا"، وظاهر هذا أن نقتدي بالإمام تمامًا، فإذا جهر جهرنا بالتأمين وهذا هو القول الراجح بل المتعين، وأما من ذهب من العلماء بأنه لا يجهر بـ"آمين" فهو ضعيف ما دامت السنة ثبت بها رفع الصوت بـ"آمين" فهذا هو المتعين، والقول بأن هذا من باب التعليم قول في الحقيقة لا يمكن أن يثبت قائله على قدم إلا عند المضايقة في المناظرة.
انتبه: أحيانًا بعض العلماء -رحمهم الله- يأتون بجواب يحملهم عليه المضايقة في المناظرة فيقولون: لعله كذا، ونضرب مثلًا أوضح من هذا وهو الجهر بالذكر أدبار الصلوات؛ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فهذا صريح؛ لأنه مرفوع.