الباب، سرق الساعة، سرق القلم وما أشبه ذلك، ولكن الدعاء على شخص بعينه لا يجوز، حتى وإن كان ينطبق عليه الوصف، لأن ما ورد معلقًا بالأوصاف يجب أن يكون معلقًا بالأوصاف، وما ورد معلقًا بالأعيان يكون معلقًا بالأعيان، ولهذا نشهد لكل مؤمن أنه في الجنة ولا نشهد لفلان أنه في الجنة وإن كان مؤمنًا.
ومن فوائد هذا الحديث والذي قبله: قطع يد السارق، وأن ذلك لا ينافي الرحمة.
ومن فوائده هو والذي قبله: أن مراعاة العموم أولى من مراعاة الخصوص؛ لأنه لا شك أن الضرر على السارق ضرر عظيم ستفقد يده اليمنى ويشل شيء كثير من عمله ويكون عارًا عليه بين الناس، لكن هذه المفسدة فردية، والمصلحة العامة حماية أموال الناس أولى من مراعاته، فيؤخذ من هذا قاعدة مفيدة: وهي أننا لا ننظر إلى الشخص إذا كان في محاباته ضرر بالمصلحة العامة، الواجب أن ننظر للمصلحة العامة ولو ضر ذلك الشخص، بعض الناس مثلًا إذا حصل من شخص جناية قال: ارحمه هذا له أولاد وليس له وظيفة وأتى بالمبررات، فنقول: مراعاة المصلحة العامة أولى من مراعاة المصلحة الخاصة، ولسنا بأرحم من الله ولا بأحكم من الله، فالله عز وجل نجد في حدوده سبحانه ما يكون ضررا على شخص معين لكن للمصلحة العامة.
[جحد العارية]
١١٨٣ - وعن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟ ثمَّ قام فاختطب، فقال: أيُّها النَّاس، إنَّما هلك الَّذين من قبلكم أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحدَّ". متَّفقٌ عليه، واللَّفظ لمسلمٍ.
- وله من وجه آخر عن عائشة:"كانت امرأةٌ تستعير المتاع وتجحده، فأمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقطع يدها".
الهمزة للاستفهام، والمراد به هنا: التوبيخ والإنكار، وتشفع) من الشفاعة وهي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة، فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة ليدخلوا الجنة من أي النوعين؟ من جلب المنفعة، وفي أهل الموقف أن يريحهم الله منه هذه لدفع مضرة، وسميت الشفاعة - أعني: التوسط للغير -؛ لأن الشافع يشفع من شفع له، فبعد أن كان المشفوع له واحدًا صار الآن شفعا - اثنين -.
"أتشفع في حد من حدود الله؟ "، الحد يطلق على ثلاثة معانٍ: الأول: الأوامر، والثاني: النواهي، والثالث: العقوبات المقدرة شرعًا في المعاصي، والمراد هنا الثالث، وهو العقوبات