الجواب: أشهد بالقرينة فقط، يعني: لو أن إنسانا رأى شخصا صاحب دين وخلق ادعى على شخص فاسق بأنه سرق بيته فهنا القرينة تدل على أن الدعوى صحيحة؛ لأن المدعي ثقة وأمين وصاحب دين، والثاني بالعكس، هل يجوز أن تشهد بأنه سرق بيته؟ لا لكن يجب أن تشهد بالقرينة، نقول مثلا: أنا أشهد بأن هذا الرجل المدعي ثقة وأمين ولا يمكن أن يدعي ما ليس له، وأما الثاني فهو رجل فاجر بأنه يحصل منه ما شهد به عليه.
فالمهم: أن ما ثبت بالقرائن لا يجوز الجزم به شهادة، ولكن يشهد به على الوجه الذي يعلمه الشاهد، بمعنى: أنه يشهد بالقرينة، والأمر بعد ذلك إلى الحاكم.
[الشهادة على ما استيقن وبالاستفاضة]
١٣٤٦ - وعن ابن عباس رضي الله عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ترى الشمس؟ قال: نعم. قال: على مثلها فاشهد، أو دع». أخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف، وصححه الحاكم فأخطأ.
"قال لرجل" من هذا الرجل؟ نقول: لا يعنيا هذا، المهم معرفة القضية والحكم، وأما تعيين الرجل فلا شك انه زيادة علم لكنه ليس ضروريا في ثبوت الحكم، ولهذا يأتي مثل هذا كثيرا، وقوله:"ترى الشمس"، من المعلوم أن الرسول يعلم أنه يرى الشمس؛ لأنه مبصر، لكن قال ذلك ليبني عليه ما بعده وهو قوله:"على مثلها فاشهد"، وقوله:"نعم" حرف جواب، وقوله:"على مثلها فاشهد" الجار والمجرور متعلق بقوله: "اشهد" والفاء هنا مزيدة لتحسين اللفظ، ولو حذفت لاستقام الكلام بدونها، لو قال مثلا: على مثلها أشهد لاستقام الكلام، لكنها زيدت لتحسين اللفظ كزيادتها في قوله تعالى:{فإني فارهبون}[النحل: ٥١]. والأصل: إياي ارهبون.
قال:"على مثلها أشهد أو دع" يعني: إن ظهر لك الأمر جليا كما ترى الشمس وإلا فلا تشهد، دع.
المؤلف رحمه الله جزم بأن هذا الحديث إسناده ضعيف ولكنه مع ضعف إسناده إلا أن متنه صحيح كما يدل على ذلك قول الله تعالى:{إلا من شهد بالحق وهو يعلمون}[الرخرف: ٨٦]. ولأن الشهادة: هي الإخبار عن يقين، فلابد فيها من علم متيقن، كما يتيقن الإنسان الشمس إذا رآها.
فالحديث ضعيف كما قال المؤلف ونحن نقلد المؤلف في هذا، ولكن متنه صحيح، ولابد من أن يؤخذ به، في هذا الحديث على تقدير صحته-: أنه ينبغي للإنسان أن يقرب الأحكام بالأمور المحسوسة؛ لقوله:"ترى الشمس"، وذلك بأن تقريب المعقول بذكر المحسوس من حسن