للمشتري حينئذٍ الخيار؛ لأنه إنما اشترى على أن الثمن مؤجل، فإذا تبين أن الأجل فاسد قيل له: لك الخيار إن شئت الآن انقد الثمن، وإن شئت فافسخ البيع، فإن قال: أنا أريد أن أمضي البيع وأجعل الأجل معلومًا، فأقول: اشتريته بكذا إلى مدّة سنة، قلنا: هذا عقد جديد إن رضي البائع وإلا فلا.
[النهى عن بيع الولاء وهبته]
٧٦٣ - وعنه رضي الله عنه:"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء، وعن هبته". متَّفقٌ عليه.
"الولاء"، يعني بذلك: ولاء العتق، وسبق أن الولاء عصوبة تثبت للمعتق وعصبة المتعصبين بأنفسهم، يعني: إذا أعتقت عبدًا صار لك ولاؤه، ترثه إذا لم يوجد عاصب من النسب، ولا صاحب فرض يستغرق، وكذلك تتولى ما يتولاه العاصب بالنسب إذا عدم العاصب بالنّسب، وسبق لنا أن الولاء يكون لمن أعتق، فلا يجوز لمن له الولاء أن يبيعه، فلو أن رجلًا أعتق عبدًا أو جاء إنسان آخر وقال بع عليّ ولاءك الذي ثبت لك إعتاق هذا الرجل فإن البيع لا يجوز، إذا قال قائل: لماذا لا يجوز؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الولاء لحمة كلحمة النَّسب"، يعني: التحام بين الناس كلحمة النّسب، فكما أن الإنسان لا يجوز أن يبيع نسبه فكذلك لا يجوز أن يبيع ولاءه، لو جاء شخص لآخر وقال: يا فلان، أنت أبو هذا الطفل، : قال نعم، قال: بع عليّ أبوّتك فلا يصح، كذلك لا يصح أن نبيع عليّ الولاء، هذا دليل من السنة، وهناك أيضًا دليل نظري أن الذي يشتري الولاء إنما يشتريه غالبًا من أجل ما يثبت له من العصوبة، والعصوبة مجهولة، لماذا؟ لأنه ربما يكون لهذا العتق عصوبة نسب يولد له أولاد بنون فتكون عصبته لهؤلاء الأولاد، أو يكون له أعمام من النَّسب أو إخوة من النسب، أو ما أشبه ذلك، ثانيًا: على فرض أنه لم يحصل هذا فالميراث الذي كنت تؤمّله من هذا العتيق قد يحصل وقد لا يحصل، قد يصرف المال الذي عنده وقد يزيد زيادة كبيرة، وقد ينقص، المهم أن الغرض الذي من أجله اشتريت ولاءه ربما تفقده، فلهذا صار بيع الولاء حرامًا، هبة الولاء كذلك لا تجوز، لو قال إنسان لصديق له: أنا أعتقت عبدي غانمًا وولاؤه لك هبة منِّي ماذا نقول؟ نقول: لا يجوز، فإن قال الثاني: وأنا أعتقت عبدي سالمًا فولاؤه لك لا يجوز أيضًا حتى لو تبادلا لا يجوز؛ لأن الولاء لحمة كلحمة النسب.