يستفاد من حديث عبد الله بن عمر: النهي عن بيع الحمل، والحكمة في ذلك لأنه مجهول فلا يدري أيكون ذكرًا أو أنثى، واحدًا أو متعددًا، حيًّا أو ميتًا، وعن حمل حمل الحمل وهو أيضًا معدوم ومجهول، وهو أشد من بيع الحمل نفسه، هل يقاس على ذلك بيع الحامل بحملها؟ الجواب: لا؛ لأن الحمل حينئذٍ تبع، فإذا كان تبعًا فإنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا، ونظيره لو باع اللبن في الضرع لم يصح، ولو باع شاة فيها لبن صح.
ومن فوائد الحديث: النهي عن كل ذي جهالة سواء كان في عين المبيع أم في ثمن المبيع أم في الأجل بالقياس على حبل الحبلة.
ومن فوائد الحديث: بيان ما كان عليه أهل الجاهلية من المعاملات الفاسدة لقوله: "وكان بيعًا يبتاعه أهل الجاهلية".
ومن فوائد الحديث: أنه إذا وجدت معاملة في الجاهلية ولم ينكرها الشرع فهي جائزة؛ لأن سكون الشرع عنها بدون إنكار يدل على إقرارها، ومن ذلك على رأي كثير من أهل العلم "المضاربة"، فإن الضاربة لم يأت فيها نص صريح في الإسلام لكنها كانت معروفة في الجاهلية فأقرها الإسلام ولم ينه عنها، والمضاربة: هي أن تعطي شخصًا مالًا يتَّجر به وما حصل من الربح فهو بينكما على حسب ما تشترطانه وهي جائزة.
ومن فوائد الحديث: أنه يشترط أن يكون الثمن معلومًا والمبيع معلومًا وأجَّل الثمن إذا كان مؤجلًا أن يكون معلومًا، أما الأول والثاني -وهو اشتراط علم المبيع وعلم الثمن- فهذا ظاهر، وأما اشتراط علم الأجل فقد ذكر أهل العلم أنه ليس شرطًا للصحة، فيصح البيع ولكن لا يصح الشرط، فيكون الثمن حالًا؛ يعني: أنه إذا أجَّل الثمن إلى أجل مجهول مثل أن يقول: بعتك هذا الشيء بمائة ريال، فيقول: اشتريت إلى أن يقدم زيد، الأجل هنا مجهول لا ندري متى يقدم، يقول العلماء: الشرط فاسد والبيع صحيح؛ وذلك لأن البيع لم يتضمن نهيًا يعود إلى ذاته ولا إلى شرطه إنما الغرر في جهل التأجيل، وحينئذٍ نقول: إذا فسد الشرط -أعني: شرط التأجيل- يبقى البيع حالًا؛ لأن التأجيل فسد إذا صار حالًا وقال البائع للمشتري أعطني الثمن قال: ألسنا قد أجّلناه إلى أن يحضر زيد؟ قال: نعم ولكن هذا الأجل مجهول فهو باطل، نقول: