ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجب على المستحاضة أن تغتسل لكل صلاة؛ لأن الاغتسال من فعلها رضي الله عنها, وباجتهاد منها, ولو كان واجباً لبينه النبي صلى الله عليه وسلم, وحديث حمنة صريح في أنه ليس بواجب.
[وجوب الوضوء لكل صلاة للمستحاضة]
- وفي رواية للبخاري: «وتوضئي لكل صلاة». وهي لأبي داود وغيره من وجهٍ آخر.
فيستفاد منه: وجوب وضوئها لكل صلاة.
فإذا قال قائل: ما الحكمة في أنها تتوضأ لكل صلاة؟
قلنا: إن هذه طهارة ضرورة؛ إذ إن الحدث الموجب للطهارة لم يزل قائمًا فتكون الطهارة ضرورة تتقدر بقدرها, وقوله: «لكل صلاة» المراد: لوقت كل صلاة, وليس المراد: أنها إذا جمعت توضأت للظهر, ثم توضأت للعصر, لا بل المراد: توضئي لوقت كل صلاة.
فإذا توضأت فهل لها أن تصلي فروضًا ونوافل, أو الفروض فقط؟
الصحيح: أنها تصلي فروضًا ونوافل؛ لأن هذا الوضوء رفع, لم نقل: رفع حدثها, ولكن بمعنى: ارتفاع الحدث, وإذا خرج الوقت فإن دخل وقت الصلاة الأخرى وإن لم يدخل وقت صلاة أخرى لم تتوضأ إلا إذا أرادت أن تتنفل, فمثلًا في صلاة الفجر إذا خرج الوقت وهي قد توضأت لصلاة الفجر وأرادت أن تصلي صلاة الضحى, نقول لها: توضئي لها, كذلك في العشاء الآخرة على القول الراجح أن وقتها يخرج في منتصف الليل, فإذا انتصف الليل وأرادت أن تتهجد نقول: توضئي من جديد.
ألحق العلماء - رحمهم الله - بالقياس الجلي, بالمستحاضة من كان حدثه دائمًا كإنسان لا يستمسك بوله, أو لا يستمسك الريح من دبره, أو دبره دائمًا يفرز رطوبة, فقالوا: إن حكم هؤلاء حكم المستحاضة, بمعنى: أنه لا يتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها, ولكن لابد من محاولة التقليل من النجاسة بالتحفظ بالحفاظات الموجودة الآن - ولله الحمد - سواء كان رجلًا أو امرأة بقدر المستطاع, وأما ما يفعله بعض الجهال بربط الذكر فهذا غلط عظيم؛ لأن ربط الذكر ضرر على الإنسان فإن البول سينزل من المثانة, وإذا نزل احتقن في القنوات وهي ضعيفة جدًا فربما تنفجر, ولذلك يجب أن ينهى عن هذا, بل يقال: ضع على محل الخارج شيئًا يحفظ من انتشار البول وكفى.