للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمعناه: أنا سألنا الناس له، وهذا أمر لا ينبغي، لكن الأول أظهر؛ بمعنى: أنه ينبغي أن يكفن فيما هو محرم فيه فقط.

هل يؤخذ من هذا الحديث قاعدة: أن من مات على شيء بعث عليه؟

يقول العلماء: إنه لا يمكن أن نستدل بالأخص على الأعم، ويمكن أن نستدل بالأعم على الأخص؛ لأن استدلالنا بالأعم على الأخص استدلال العموم على بعض أفراده، لكن استدلالنا بالأخص على الأعم معناه: أننا زدنا على النص.

[حكم تجريد الميت عن تغسيله]

٥١٧ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لمَّا أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندري، نجرِّد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرِّد موتانا، أم لا؟ ... )). الحديث، رواه أحمد، وأبو داود.

قولها رضي الله عنها: ((والله ما ندري)) القائل: هم الصحابة الذين باشروا غسل النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم العباس بن عبد المطلب وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما قالوا: ((والله ما ندري)) أي: ما نعلم، وأقسموا هنا بدون استقسام لدعاء الحاجة إليه، أو قد يقال: إن هذا من باب لغو اليمين، وإنهم ما أرادوا القسم.

((نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: من ثيابه، ((كما نجرد موتانا أم لا) وبقية الحديث: أن الله تعالى ألقى عليهم النوم فسمعوا هاتفًا يقول: ((اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه فكانوا يصبون الماء على القميص، ويدلكونه من روائه)).

فيستفاد من هذا الحديث: أن المشروع عند تغسيل الميت أن يجرد، لكنه سبق لنا- بل قد قلناه في مجلس آخر- أنه يجب أن تغطى عورته- تغطى عورته بثوب- حتى لا تشاهده؛ لأنه لا حاجة إلى مشاهدتها، وسبق لنا أن الغاسل إذا أراد أن يغسله وعورته مستورة يجعل في يده خرقة لأجل أن ينظف فرجيه، ثم يزيل هذه الخرقة إذا نظفهما ويأتي بخرقة ثانية لأسنانه ومنخره؛ لأنه يبل الخرقة ويمسح أسنانه ولثته ومنخريه بدون أن يصب الماء، قال بعض العلماء: ويأتي بخرقة ثالثة لبقية الجسم، قالوا: والمستحب ألا يمس سائره إلا بالخرقة، ولكن هذا الأخير خلاف ظاهر النصوص، فإت الظاهر أن الذين يغسلون الأموات يباشرون الأموات بأيديهم.

ويستفاد من هذا الحديث: خصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم وهي أنه لم يجرد حين مات.

ويستفاد منه: أن المشروع تجريد الميت عند تغسيله.

ويستفاد منه: جواز الحلف بدون استحلاف إن قلنا: إن هذا قد قصد وإلا فهو من لغو اليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>