٥٢٢ - وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كفَّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)). رواه مسلمٌ.
المراد بالأخ هنا: الأخ في الدين، فيشمل من جمع بين الأخوتين: أخوة النسب وأخوة الدين، وقوله:((فليحسن كفنه))، الإحسان نوعان: أحدهما: أن يأتي بقدر الواجب وهذا واجب، والثاني: أن يحسن أكثر من ذلك وهذا سنة، وإحسان الكفن ليس معناه أن ننظر إلى أغلى ما يكون من الأكفان ونكفنه به، ولكن إحسان الكفن ما وافق الشرع؛ لأن الإحسان حقيقة هو ما وافق الشرع، فكل شيء موافق للشرع فهو حسن، وكل شيء مخالف للشرع فهو سيئ وليس بالحسن، وهذا نظير قول الرسول صلى الله عليه وسلم:((إذا قتلتم فأحسنوا القتلة)). وبينا فيما سبق أن هذا لا ينافي الرجم الثابت للزاني المحصن؛ لأن المراد بإحسان القتلة: أن تكون متمشية على الشريعة.
فيستفاد من هذا الحديث: الأمر بإحسان الكفن لقوله: ((فليحسن كفنه)) بحيث يكفنه على الوجه المشروع.
ثانيًا: استعمال الألفاظ التي تجلب الحنو والشفقة لقوله: ((أخاه)).
هل يؤخذ من هذا الحديث أن غير المسلم لا يكفن لقوله:((إذا كفن أخاه))، أو يقال: إنه مسكوت عنه؟ الظاهر: أنه مسكوت عنه؛ لأنَّا لو أردنا أن نأخذ بالمفهوم لقلنا، وإذا كفن غير المسلم فلا يحسن كفنه فيكون ذلك دليلًا على جواز التكفين، ولكن بدون إحسان، فالذي يظهر: أنه لا يؤخذ من الحديث عدم تكفين الكافر، وإنما يؤخذ من عمومات أخرى وهو أن الكافر ليس له حرمة، وإذا كان ليس له حرمة فإن المسلم لا يتولاه إلا على سبيل دفع أذيته فقط، بأن يخرج به إلى مكان يحفر له ويرمي به في الحفرة؛ لئلا يتأذى الناس برائحته ويتأذى قريبه بمشاهدته)).
هل يجمع بين الرجال في الدفن، ومن يقدَّم:
٥٢٣ - وعنه رضي الله عنه قال:((كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرَّجلين من قتلى أحدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثمَّ يقول: أيُّهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فيقدِّمه في اللَّحد، ولم يغسَّلوا، ولم يصلَّ عليهم)). رواه البخارسُّ.
((كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين)) أي: يأمر بذلك لأنَّا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يباشر التكفين، وقوله:((من قتلى أحد)) ((قتلى)): جمع بين قتيل، بمعنى: مقتول، فهو فعيل بمعنى مفعول،