هذا الحديث وجدنا أنه مخالف للقواعد العامة في الشريعة، وهي أنه من أتلف على إنسان شيئًا بغير حق وجب عليه ضمانه.
بقي علينا الشئ الثالث وهو الأمن، يمكن أن نقول: إن الأمن استوفى بقطع اليد؛ لأن هذا من أعظم ما يكون يمشي بين الناس مقطوع يده اليمنى، لماذا؟ يقال: لأنه سارق هذا أعظم ما يوفر الأمن، وبهذا نعرف حكمة الله عز وجل في وجوب قطع يد السارق:{نكالًا من الله والله عزيزٌ حكيمٌ}[المائدة: ٣٨].
[حكم الجمع بين الضمان والقطع]
١١٨٨ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص في رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنه سئل عن التَّمر المعلَّق؟ فقال: من أصاب بفيه من ذي حاجةٍ، غير متَّخذٍ خبنةٍ، فلا شيء عليه، ومن خرج بشيءٍ منه، فعليه الغرامة والعقوبة، ومن خرج بشيءٍ منه بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجنِّ فعليه القطع". أخرجه أبو داود، والنَّسائيُّ، وصحَّحه الحاكم.
قوله:"المعلق" يعني: في شجره كما يوجد في النخل تمر، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم سواء معلق أو غير معلق على ثلاثة وجوه: الأول: من أصاب بفيه من ذي حاجة، غير ... إلخ.
الثالث: أشدها ولذلك عظمت العقوبة فيه.
في هذا الحديث فوائد منها: أن الإنسان إذا مر بشجر فيه ثمر فأكل منه بفيه فقط - يعني: أخذ يده ووضعها في فيه - فهذا لا شيء عليه، لكن بشرط ألَّا يحمل معه شيئًا، واشترط الفقهاء زيادة في ذلك فقالوا: يشترط في هذا التمر أن يكون في بستان ليس عليه حائط ولا ناظر؛ وذلك لأنه إذا سوِّر أو كان عليه ناظر كان هذا دليلًا على أن صاحبه غير راضٍ بالأكل منه، ولا يحل مال امرئ مسلم إلَّا بطيب نفس منه، {فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفسًا فكلوه هنيئًا مَّريئًا}[النساء: ٤]. وهذا القيد الذي ذكره بعض العلماء قيدٌ لا بد منه؛ لأن جعل السور أو الشوك المنيع على هذا الحائط دليل واضح على أن صاحبه لا يريد أن يأخذ أحد منه شيئًا، لكن نخل على الطريق وليس عليه حائط ولا ناظر فلك أن تأكل، ولكن هل تأكل حتى تشبع أو بقدر الحاجة؟ ظاهر الحديث أنه مقيد بالحاجة، ولكن بعض العلماء أطلق وقال: له أن يأكل حتى يشبع وظاهر كلامهم ولو أنه له ذلك كان واسع البطن، المهم لا يحمل شيئًا منه.