١٣٤٩ - عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس ردماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه». متفق عليه.
قال:«لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم»، يعني: لو أن الإنسان كلما ادعى شيئا أعطي ما ادعاه لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، دماء رجال بأن يقول: فلان قتل ابني من أجل أن يقتل، وأموالهم بأن يقول: فلان سرق مني كذا وكذا أو استعار مني كذا وجحدها، وكذلك الحقوق، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدماء والأموال؛ لأنها الأصل، والحقوق تابعة.
قوله:"لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم"، قال:"ولكن اليمين على المدعى عليه"، والمدعي بينه في الحديث الذي بعده.
١٣٥٠ - وللبيهقي بإسناد صحيح:"البينة على المدعي، واليمين على من أنكره".
وقوله:"لو يعطى الناس بدعواهم"، اعلم أن الدعوى تنقسم إلى قسمين: دعوى مستحيل، يعني: دعوى شيء مستحيل، وهذه لا تسمع أصلا، ولا يلتفت لها القاضي ويصرف المدعي فورا دون أن يطالبه ببينة وغيرها، وهو أن يدعي شيئا مستحيلا مثل أن يدعي أن هذا ابنه والمدعي له عشرون والمدعى به له خمس عشرة سنة، فهنا لا تسمع الدعوى ولا يشكل القاضي لها جلسة ولا يلتفت إليها.
والقسم الثاني: دعوى شيء ممكن لكن الأصل عدمه هذا هو الذي أراد النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ادعى شخص على آخر دما أو مالا أو حقا من الحقوق، فإننا نقول للمدعى عليه أولا: هل تقر بهذا؟ إن قال: نعم قال إشكال، وإن قال: لا، قلنا للمدعي: ألك بينة؟ إن قال: نعم، قلنا: أحضرها، وإن قال: لا، قلنا للمدعى عليه: احلف، فإذا حلف انتهت القضية، ولكن ليس معنى هذا الحلف أنه لو تبين فيما بعد أن هناك بينة، فإنه لا يحلف المدعى عليه، بل إن اليمين لقطع الخصومة الحاضرة فقط، فلا يكون للمدعي دعوى على من أنكر إذا حلف، لكن لو تبين فيما بعد أن الحق مع المدعي ببينة أو غير ذلك، فإن اليمين لا تكون مزيلة للحق إذا ترتب الدعوى.