يده من المدرسين والمراقبين وغيرهم بما يشق عليهم؟ لا، أمير البلدة لا يجوز أمير المنطقة لا يجوز، الأمير العام لا يجوز متى أمكن السهولة في معاملة الناس فهي الواجبة.
ومن فوائد هذه الجملة ما سبق في الجملة قبلها، وهو أن الجزاء من جنس العمل.
ومن فوائدها: أن من عام الناس بالسهولة، عامله الله تعالى بمثلها، وقد جاء في الحديث ما سبق، "من يسر على مسلم، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة"، وعلى هذا فينبغي لنا أن نسلك سبيل التيسير على المسلم حتى في الأحكام الشرعية إذا لم يتبين أن الاشد هو الأصوب ولهذا ذكرنا لكم قاعدة فيما سبق أنه: إذا تعارض الدليلان تعارضاً تاماً ولم يكن لأحدهما مرجح من الشرع فالأفضل أو فالأولى اتباع الأيسر وكذلك ذكرنا في خلاف العلماء إذا تعارضت أقوالهم ولم يكن لأحدها مرجح فخذ بالأيسر.
المسلم ليس بذيئاً ولا فاحشاً ولا لعاناً:
١٤٤١ - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبغض الفاحش البذيء". أخرجه الترمذي، وصححه.
"يبغض": البغضاء ضد المحبة وهي أرق من الكراهة، وقوله:"إن الله يبغض" يعني: أنه -سبحانه وتعالى- موصوف بهذا البغض الذي يترتب عليه المجازاة والعقوبة، "الفاحش البذيء" الفحش يكون بالقول وبالفعل قد يكون الإنسان فاحشاً بفعله عندما يؤدب يوجع، عندما يمشي على شيء، يُفسد، كرجل مشى في زرع الناس فجعل يبطش بخطواته، يركض الأرض برجله حتى يفسد الزرع، أما الفحش باللسان فظاهر أن يكون الإنسان في أقواله فاحشاً جهوري الصوت غليظاً، والفحش بالقول لا شك أنه خلق ذميم، البذيء يعني: الذي له أو منه عدوان على غيره؛ ولهذا حتى في اللغة العامية الآن "مخرج" يعني: مفسد، والبذاءة بمعنى: الإفساد، تختلف بعضه شديه وبعضه يسير.
من فوائد الحديث: أولاً: إثبات البغض لله لقوله: "إن الله يبغض" ومذهب أهل السنة والجماعة والسلف الصالح إثبات أن الله يبغض كما يثبتون أن الله يحب، وذهب أهل التعطيل من المعتزلة والجهمية والأشاعرة ونحوهم إلى أن الله لا يوصف بذلك وفسروا البغضاء بلازمها وهي العقوبة وقالوا: معنى يبغض أي: يُعاقب.
فجوابنا على ذلك أولاً: أنهم جنوا على النص من وجهين: الوجه الأول: إخراجه عن ظاهره، والوجه الثاني: إثبات معنى له لم يدل عليه الظاهر إلا بطريق اللزوم، ثم إنهم جنوا على النص من وجه آخر من حيث التحريف وهو صرفا للفظ عن معناه بلا دليل.