رضي الله عنه أن يأكل بسبعة أمعاء ليس هذا للقدح فيه, بل هذا لأجل أن تطيب له الحياة؛ لأن معاوية صار ملكًا أو خليفة يؤتى إليه بكل شيء فإذا وسع الله بطنه وأكثر أكله صار هذا من جملة التنعيم في الدنيا إذن الضار سواء كان ضارًا بنفسه أو لعارض فإنه يكون حرامًا, النجس كل نجس حرام حتى لو تصور أحد أنه ليس بضار فإنه حرام؛ لأنه إذا كان يجب التخلي عن النجس ظاهرًا فالتخلي عنه باطنًا من باب أولى. فإن قال قائل: ألا نقول له: كل هذا النجس واغسل فمك ويديك إن تلوثت به؟ نقول: لا؛ لأن الله تعالى لم يجعله نجسًا يجب التحرز منه إلا لضرر فيه لكن الضرر قد يحصل, وقد يكون الضرر بطيئًا لا تظهر أعراضه إلا بعد حين, الحيوان الأصل فيه الحل؛ لأنه مما خلف الله لنا في الأرض لكن قد يحرم لسبب منها ما ذكره هنا, قال:
[تحريم كل ذي ناب من السباع]
١٢٦٩ - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل ذي ناب من السباع فأكله حرام". رواه مسلم. فقيد النبي صلى الله عليه وسلم التحريم بقيدين: الأول: أن يكون من السباع, والثاني: أن يكون له ناب, والمراد بالناب: الناب الذي يفترس به مثل الكلب والذئب والأسد والنمر, هذه كلها حرام؛ لأن لها نابًا تفترس به, وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"فأكله حرام" ولم يقل: فهو حرام؛ لأن من هذه الأشياء ما يجوز الانتفاع به بما سوى الأكل, هذه قاعدة كل ذي ناب من السباع فهو حرام, فإن كان من غير السباع فإنه لا يحرم, وكذلك لو كان من السباع لكن ليس له ناب يفترس به فإنه لا يحرم, وبناء على ذلك نقول: الضبع هل حرام أم حلال؟ حلال؛ لأنها ليست لها ناب تفترس به ولا تفترس إلا عند الضرورة القصوى, ما هي الحكمة من التحريم؟ الحكمة: أن الإنسان إذا تعدى بهذا النوع من الطعام فإنه يكتسب طبيعة منه فيكون محبًا للعدوان على الغير فلذلك منع, ولهذا قال العلماء في الرضاع لا ينبغي أن تسترضع امرأة حمقاء أو سيئة الخلق؛ لأن ذلك يؤثر في الرضيع, كذلك أيضًا الإنسان إذا أكل من هذه السباع فإن ذلك يؤثر في طباعه.
[تحريم كل ذي مخلب من الطير]
- وأخرجه: من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ: "نهى", وزاد:"وكل ذي مخلب من الطير". "وأخرجه" أي: مسلم, بلفظ "نهى", وأيهما أقوى في التحريم؟ الأول؛ لأنه قال: فأكله