يزيد عليها كاذباً، فهذا ليس بمؤمن، وهذا ناقص الإيمان، المؤمن حقاً هو الذي يكون لأخيه بمنزلة المرآة؛ ولهذا قال:"المؤمن مرآة أخيه".
لو قال قائل: أخشى إن بينت لأخي المساوئ أن يغضب.
فنقول: نعم هذا وارد، لكن لا تبين المساوئ وتكتم المحاسن، قل: والله أنت فيك الخلق الفلاني وهذا خلق طيب، ولكن لابد لكل جواد من كبوة، ولكل سالم نبوة، وربما يستنكر بعض الناس منك فعل كذا وكذا فلو تجنبته لكنت أكمل وأحسن، وتأتي به بهدوء، حينئذٍ تكون بينت المحاسن والمساوئ.
[مخالطة الناس والصبر على أذاهم]
١٤٧٣ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم». أخرجه ابن ماجة بإسناد حسنٍ، وهو عند الترمذي، إلا أنه لم يسم الصحابي.
وعدم تسمية الصحابي لا تضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم"، يخالطهم يعني: يذهب معهم، ويجيء معهم، ويجلس إليهم، ويتكلم معهم، وضده من لا يخالط الناس وهو المعتزل للناس، يقول صلى الله عليه وسلم:"ويصبر على أذاهم"؛ لأن الإنسان الذي يخالط الناس لابد من أذية، لابد أن يسمع كلاماً يؤذيه، لابد أن يرى فعلاً يؤذيه، لابد أن يهان، المهم هذا شيء معروف، لكن يصبر على أذاهم ويصابر، ويقول: الذي لا يأتي اليوم يأتي غداً، ويستحضر دائماً قول الله عز وجل:{خذ العفو}[الأعراف: ١٩٩]. هذه الآية اجعلها دائماً أمامك في معاملة الناس لك {خذ العفو} أي: ما عفا وسهل فخذه، وما لا فلا تهتم به؛ ولهذا قال:{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}[الأعراف: ١٩٩]. كذلك يقول:"خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس"، وعلى هذا فقوله:"من الذي"، "الذي" صفة لموصوف محذوف والتقدير من المؤمن، دليل ذلك وجودها في الجملة الأولى:"الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"، ثم إن المؤمن الذي يخالط الناس يعرف الناس ويعرف أحوالهم ويعرف ما أخطأوا فيه، فيحاول أن يعدله، ويعرف مشاكل الناس، ويحاول أن يحلها، فمخالطة الناس فيها خير، وربما يستغني عن مخالطة الناس بتوكيل وتعميد من يخالط الناس ويخبره بأحوالهم حتى يكون على بصيرة من الأمر ويستطيع أن يعالج مشاكل الناس.