ثم إن الإنسان أحيانا تأخذه الغيرة إذا رأى المعاصي والمنكرات فيغضب، نقول: جزاك الله خيرا الغيرة لا شك أنها مطلوبة، ومن لا غيرة عنده فقلبه ميت، لكن هل أنت تريد أن تطفئ نار الغيرة بما يصدر منك من قول جاف أو فعل نكد، أو تريد أن تصلح الخلق؟ الثاني هو الذي يجب أن يكون.
وإذا كان المقصود الإصلاح فيجب أن أسلك أقرب طريق إلى الإصلاح، أنا عندما أرى رجلا عاصيا لا شك أني أكره المعصية وأكره المعصية لهذا الشخص أيضا، لكن كيف نعالج هذا؟ هل الإنسان إذا وجد شخصا فيه ورم هل يأتي بالسكين السيئة ويشقه ويدعه يهراق دما، أو أنه يأتي بألطف مما تحصل به العملية وينظفه؟ الثاني، والأدواء المعنوية كالأدواء الحسية يجب علينا - لا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه المعاصي- أن نستعمل أرفق ما يكون بقدر ما يستطيع الإنسان، صحيح أنه بشر قد يثور ويغضب ويتألم لكن يجب أن يهدئ نفسه لأنه يريد إصلاح الغير.
إذن نقول: هذا الدين - والحمد لله- يسر من جميع جوانبه، والمقصود إصلاح الخلق بأي وسيلة، وهذا التشريع في الهرة يدل على ذلك في مثل أشياء تعتاد المنازل ويكثر ترددها من طيور محرمة مثلا هذه الطيور المحرمة التي يكثر وجودها في البيوت حكمها حكم الهرة، أما إذا كانت لا تأتي إلا نادرا وليست من الطوافين؛ فكما قلت لكم كل محرم الأكل فهو نجس، إلا أنه يستثنى شيء واحد ما ليس له دم من الحشرات ليس بنجس، هذا طاهر حيا وميتا.
[كيف تطهر المكان إذا أصابته نجاسة]
ثم قال:
١٠ - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء؛ فأهريق عليه: . متفق عليه.
هذا الحديث فرد من أفراد القاعدة التي ذكرناها وهي التيسير واستعمال اللين، يقول: "جاء أعرابي" والأعرابي: هو ساكن البادية، والغالب على سكان البادية الجهل، لكن نبشركم أنهم الآن - الحمد لله- عندهم علم كثير بواسطة الإذاعات يسمعون إذاعات ويفهمون المعاني، وصار عندهم وعي كثير، لكن بالأول كانوا لا يتصلون بالناس ولا سيما النساء منهم والصغار والكبار والذين يأتون إلى البلاد تجده يبيع سلعته ويمشي، عندهم جهل كثير، هذا الأعرابي