على أرض صلبة ماذا يصيب صاحبه؟ سيصيبه الرشاش. يقول شيخ الإسلام: إن مثل هذا يعفى عنه لمشقة التحرز منه، وأخذ القول من هذا التعليل؛ "إنها من الطوافين عليكم".
ومن فوائد هذا الحديث: أن الفأرة طاهرة؛ لماذا؟ لأنها من الطوافين علينا، فإذا قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال في الفأرة: "تموت في السمن ألقوها وما حولها". بلى، نعم هو قال هذا، لكن هذه ميتة، والفأرة إذا ماتت تكون نجسة، والهرة أيضا إذا ماتت تكون نجسة؛ وذلك لأن العلة التي من أجلها خففت زالت الآن، الآن ماتت لا تكون طوافة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لو شرب حيوان محرم الأكل وهو دون الهرة لكنه لا يرى إلا نادرا فإنه يكون نجسا، توافقون؟ نعم، وهذا هو الصحيح، وما ذكره بعض العلماء من أن مناط الحكم هو حجم الحيوان دون مشقة التحرز منه، فهو ضعيف لأن بعض العلماء - رحمهم الله- جعل مناط الحكم الجرم وقال: الهرة وما دونها في الخلقة طاهر وهذا لا يدل عليه الحديث، الحديث يدل على أن العلة هي مشقة التحرز.
فإن قال قائل: ينتقد ذلك عليكم بالكلب، كلب الصيد، كلب الحرث، كلب الماشية، طواف علينا والتحرز منه شاق وقد ثبت أن نجاسته مغلظة.
يقال: إن الشريعة الإسلامية فيها عموم وخصوص أيهما الذي يقضي على الآخر؟ الخاص يقضي على العام فيقال: الكلب مستثنى بدلالة الحديث، ونحن ليس لنا أن نحكم بالقياس على النص، وإنما نحكم بالنص على القياس.
ومن فوائد هذا الحديث: رحمة الله عز وجل بالخلق؛ حيث خفف عنهم ما يشق عليهم اجتنابه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إنها ليست بنجس إنها من الطوافين". وهذه - يا إخواني- القاعدة مضطردة فهذه الشريعة الإسلامية مبنية على الرحمة وعلى التيسير حنيفية سمحة ليس فيها تعسير إطلاقا، وهذه خذوها قاعدة من كلام الله وكلام الرسول - عليه الصلاة والسلام- أما كلام الله فقد قال:{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة: ١٨٥].
وقال:{وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج: ٧٨]. أما في السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الدين يسر - الدين عام كل دين- ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، وكان يبعث البعوث ويقول:"يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". "فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين".