للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناصح، لا يكلم الناس بكلام وهو يريد غيره بدون بيان أبدًا، وكذلك في كل الصفات، وبهذا نرد على أهل التحريف الذين اتخذوا لأنفسهم اسمًا وهو أهل التأويل، ولكنهم في الحقيقة أهل التحريف، الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتكلم بكلام وهو يريد خلافه أبدًا إلا بينه.

ويستفاد من الحديث: مشروعية الإسراع بالجنازة لقوله: "أسرعوا بالجنازة".

ويستفاد منه: حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم بقرن الأحكام بعللها لقوله: "فإن تك"، "وإن تك"، كل هذا لنعرف العلة في الأمر بالإسراع.

ويستفاد منه: إثبات عذاب القبر ونعيم القبر يؤخذ من قوله: "تقدمونها إليه"، و"شر تضعونه".

ويستفاد من الحديث: أن من المسلمين من هو صالح، ومنهم من سوى ذلك، وجهه: انه قسّم من يصلى عليه، وغير المسلم لا يصلى عليه، وهذا كقوله تعالى عن الجن: {وأنَّا منَّا الصَّالحون ومنَّا دون ذلك} [الجن: ١١]. وهؤلاء الذين دون ذلك مسلمون لما أرادوا أن يقسموا أنفسهم إلى مسلمين وغير مسلمين قالوا: {وأنَّا منَّا المسلمون ومنَّا القسطون فمن أسلم .... } [الجن: ١٤] الآية. فالجن قسموا إلى مسلم وكافر، وقسموا المسلم إلى صالح ودون ذلك، وهذا نظير هذا التقسيم في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

[فضل اتباع الجنائز والصلاة عليها]

٥٤٣ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شهد الجنازة حتَّى يصلَّى عليها فله قيراطٌ، ومن شهدها حتَّى تدفن فله قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين". متَّفقٌ عليه.

- ولمسلم: "حتَّى توضع في اللَّحد".

- وللبخاريِّ أيضًا من حديث أبي هريرة: "من تبع جنازة مسلمٍ إيمانًا واحتسابًا، وكان معها حتَّى يصلَّى عليها ويفرغ من دفنها؛ فإنَّه يرجع بقيراطين، كلُّ قيراط مثل جبل أحدٍ".

قوله: "من شهد" بمعنى: حضر، ومنه قوله- فيما سبق-: "وشاهدنا وغائبنا"، إن الشاهد بمعنى: الحاضر.

وقوله: "حتى يصلى عليها" "حتى" للغاية وليست للتعليل، وقد سبق لنا أن حتى تأتي للغاية وتأتي للتعليل فهنا للغاية، وفي قوله تعالى: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتَّى ينفضوا} [المنافقون: ٧]. هذه للتعليل أي: لينفضوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>