أما الكفارة فهي: مأخوذة من الكفر وهو- لغة-: الستر، وهو- في الشرع-: الفداء الذي يفدي به الإنسان نفسه من مغبة المعصية، سواء في الظهار أو في كفارة اليمين أو ما أشبه ذلك، إنما هي في مقابل الذنب يريد الإنسان بها أن يستر الله عليه ما فعل.
[حكم الإيلاء]
حكم الإيلاء أنه: محرم؛ لأنه حلف على انتهاك حق، فإن الزوجة يجب على زوجها أن يجامعها بالمعروف، وكذلك الظهار حرام قال الله تعالى:{وإنَّهم ليقولون منكرًا من القول وزورًا}[المجادلة: ٢]. أما الكفارة فهي واجبة إذا وجد سببها.
١٠٤٩ - عن عائشة رضي الله عنها قالت:"آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرَّم، فجعل الحلال حرامًا، وجعل لليمين كفَّارة". رواه التِّرمذيُّ، ورواته ثقاتٌ.
قولها رضي الله عنها:"آلى من نسائه" كم آلى؟ ألى شهرًا من نسائه صلى الله عليه وسلم وفي آخر الشهر نزل، وقال:"إن الشهر تسعة وعشرون يومًا"، حرم- على القول الصحيح- العسل قال الله تعالى:{يأيُّها النَّبيُّ لم تحرِّم ما أحل الله لك}[التحريم: ١]؟ وقيل: إنه حرم مارية وه ضعيف، والصواب: أنه العسل، "فجعل الحرام حلالًا، وجعل لليمين كفارة" يعني: استحل ما حرمه وكفر عن يمينه استرشادًا بإرشاد الله عز وجل حيث قال له: {يأيُّها النَّبيُّ لم تحرم ما أحلَّ الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفورٌ رحيمٌ (١) قد فرض الله لكم تحلَّه أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم} ففي هذا الحديث جواز الإيلاء، ولكن بشرط ألا يزيد على أربعة أشهر، ولكن هل هذا جائز بدون سبب؟ لا، لا يجوز بدون سبب؛ وذلك لأن المرأة لها حق في الجماع، فكما أن الرجل له حق في الجماع، وإذا دعا زوجته فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح فكذلك هي، قال الله تعالى: } ولهنَّ مثل الَّذي عليهنَّ بالمعروف} [البقرة: ٢٢٨]. لكن له أن يولي شهرًا أو أسبوعًا أو شهرين من باب التعزير كما إذا كانت الزوج قد قصرت في الواجب أو طالبت بما لا تستحقه، فإن له أن يعزرها بذلك، أما الإيلاء بدون سبب فإنه لا يجوز، لأنه- أي: الجماع- حق لها.
من فوائد الحديث: أن تحريم الشيء يقصد الامتناع منه يكون يمينًا، يعني: حكمه حكم اليمين، وإذا جعلنا حكمه حكم اليمين فهل يحرم ذلك الشيء؟ لا؛ لأنك لو قلت: والله لا آكل الخبز ما حرم الخبز عليه، لكنه إن فعلته وجب عليك الكفارة وقولنا: يقصد الامتناع احترازًا مما لو قصد الخبر، فإذا قصد الخبر لم يكن يمينًا، ولكنه يكون كاذبًا مثل: أن يقول: الخبز عليَّ حرام يريد الخبر ماذا نقول له؟ كذبت ليس حرامًا، واحترازًا أيضًا من أن يريد بذلك إنشاء التحريم، أي: إثبات حكم شرعي يخالف حكم الله فهذا أخطر؛ لأن الله يقول: {ولا تقولوا لما