فيستفاد من هذا الحديث: أن كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين، ومثاله ما ذكرناه "لله عليِّ نذر" فقط.
[حكم نذر المعصية وما لا يطاق]
١٣١٨ - ولأبي داود: من حديث ابن عبَّاس مرفوعًا: "من نذر نذرًا لم يسمِّه؛ فكفارته كفَّارة يمينٍ، ومن نذر نذرًا في معصيةٍ؛ فكفَّارته كفَّارة يمينٍ، ومن نذر نذرًا لا يطيقه، فكفَّارته كفَّارة يمين". وإسناده صحيح؛ إلا أنَّ الحفَّّاظ رجَّحوا وقفه.
قوله:"من نذر" إلي قوله: "يمين" هذا شاهد رواية الترمذي التي قيدت بها رواية مسلم "إذا لم يسم"، قال:"ومن نذر نذرًا في معصية فكفارته كفارة يمين"، يعني: من نذر نذر معصية فكفارته كفارة يمين، ولا يحل له أن يوفي به؛ لأن الوفاء به ممتنع شرعًا، وسواء كانت المعصية فعل محرم أو ترك واجب، فمن قال: لله عليه نذر ألا يصلي الجمعة فنقول: هذا نذر معصية لأن صلاة الجمعة واجبة إلا لعذر فنقول: إذن يجب عليه أن يصلي ويكفَّر كفارة يمين، ومن قال: لله عليه نذر أن يشرب الخمر نقول: لا تشرب الخمر وعليك كفارة يمين.
فإن قال قائل: إنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من نذر أن يعصي الله فلا يعصه" ولم يذكر كفارة وهذه رواية البخاري وغيره قلنا: إنه لا معارضة؛ لأن رواية البخاري تفيد هل يفعل أو لا يفعل، أما ماذا يترتب عليه لو لم يفعل فهذا لم تتعرض له رواية البخاري، وعليه فلا معارضة، ويكون العمل على ما دل عليه حديث ابن عباس، يقول:"ومن نذر نذرًا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين"؛ لأن ما لا يطاق من المستحيل أن يكون، فمن قال:"لله عليّ أن أصعد إلى السماء بنفسه" فإنَّ هذا النذر لا يطاق، فعليه كفارة يمين، لكن ينتظر حتى يرى هل يستطيع أو لا؟ لا ينتظر؛ لأنه لا فائدة من الانتظار هذا شيء مستحيل، هذا فيه ثلاثة نذور، الأول: الذي لم يسم، والثاني: المعصية، والثالث: النذر الذي لا يطاق كلها كفارتها كفارة يمين وكفارة اليمين بينَّها الله - تعالي- بيانًا كافيًا شافيًا في سورة المائدة في قوله تعالى:{فكفَّارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة} هذه الثلاثة على التخيير، فمن لم يجد فصيان ثلاثة أيام متتابعة كما في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه فتكون الثلاث الخصال: الأولى: على التخيير