للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدو أن يبارزه في القتال، يبرز له فيقاتله وفائدة هذا التبارز: أنه إذا قتل حد المتبارزين صار في ذلك قوة للقوم الذين منهم القاتل، وصار في ذلك ضعف وذل للذين منهم المقتول ويكون هذا من أسباب النصر ونوعًا من الجهاد، يعني: بدل ما يكون بالرصاص، يكون بمثل هذا، لأن ضعف قلب العدو من أكبر أسباب النصر، ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وسلم)، "نصرت بالرعب مسيرة شره"، لكن شرط المبارزة أن يكون لدي الإنسان علم بكيفية المبارزة.

وأن يكون عنده قوة يستطيع بها أن يقضي على خصمه، أما أن يخرج رجل ليس عنده علم بذلك أو ليس عنده قوة فإنه لا يجوز، ويجب أن يمنع.

ففي هذا الحديث: دليل على جواز المبارزة، ولكن شرطها شيئان: الأول: العلم بكيفية المبارزة، الثاني: القوة: لأنه إن لم يكن عالمًا فإنه يخدع ويغلب، وإن كان عالمًا لكن ليس عنده قوة فإن الثاني في الغالب يغلبه، ويذكر أيضًا أن علياً (رضي الله عنه) بارز عمر بن ود في إحدى المغازي وأنه لم خرج عمرو من صف القتال صاح به على وقال: والله ما خرجت لأبارز رجلين! فظن عمرو أن معه رجلاً آخر فالتفت فضربه علي، وهذا خدعه لكنها خدعة جائزة، لأنني ما خدعت رجلاً آمن بل هو خرج مغامرًا بنفسه وخرج ليقتلني، فإذا وجدت حيلة أن أقتله أنا فلا بأس، ولهذا جاء في الحديث "الحرب خدعة" إذن في هذا الحديث: جواز المبارزة ولكنها بشرطين كما سمعتم.

[الحمل على صفوف الكفار وضوبطه]

١٢٢٦ - وعن أبى أيوب (رضي الله عنه) قال: إنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، يعني قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة: ١٩٥]، قاله ردًا على من أنرك على من حمل على صف الروم حتى دخل فيهم، رواه الثلاثة، وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم.

قوله: "إنما أنزلت هذه الآية" أيهم المنزل للعلم به، فإن الذي أنزلها هو الله (عز وجل)، وهذا نظيره في القدر قوله تعالى: {وخلق الإنسان ضعيفًا} فإنه أبهم الخالق للعلم به وهو الله.

وقوله: "أنزلت هذه الآية فينا معشر" المعشر هم الطائفة وسموا بذلك، لأن بعضهم يعاشر بعضًا ويناصره ويؤويه.

وقوله: "الأنصار" هم قبيلتان كبيرتان في المدينة إحداهما: الأوس، والثانية الخزرج وسموا أنصار لنصرهم النبي (صلى الله عليه وسلم) قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} تلقوا بها: أي: تضعوها أمام

<<  <  ج: ص:  >  >>