الصادق لا ظلمة بعده, والثاني يظلم بعد ذلك.
الصادق نوره متصل بالأفق, وهذا منفصل.
أما من الناحية الشرعية - الحكم الشرعي: - فهو أن الصادق تحل فيه الصلاة ويحرم فيه الطعام - يعني: على الصائم -, وأما الكاذب فيحل فيه الطعام وتحرم فيه الصلاة.
من فوائد هذا الحديث: أن الفجر الصادق يترتب عليه من الناحية الشرعية شيئان: حل الصلاة, وتحريم الطعام, أما حل الصلاة فلأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت الصلوات؛ الفجر من كذا إلى كذا, وأما تحريم الطعام فلقول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة: ١٨٧].
من فوائد الحديث: الرد على مذهب إليه بعض السلف من أن الإنسان يأكل ويشرب إلى أن يعم الضياء الأفق كله - يعني: قرب طلوع الشمس - فإن هذا قال به بعض السلف, لكنه ضعيف؛ لأنه يخالف الآية الكريمة حيث قال الله تعالى: {حتى يتبين لكم} فمتى تبين وجب الإمساك, لكن يرخص للإنسان الذي يكون الإناء بيده أن يكمل نهمته منه, أو اللقمة في يده أن يكمل, وأما أن يستأنف بعد أن تبين الصبح فلا يجوز.
ومن فوائد هذا الحديث والذي بعده: حكمة الله عز وجل في ظهور هذا الفجر الذي نسميه الكاذب, وذلك من أجل أن يستعد الإنسان للإمساك في الصيام والصلاة - أي: صلاة الفجر -, ويعرف أنه قد قرب طلوع الفجر حتى يختم صلاة الليل بالوتر الذي يريد أن يختمها به. ثم قال:
[الحث على الصلاة في أول الوقت]
١٦٢ - وعن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الأعمال: الصلاة في أول وقتها». رواه الترمذي والحاكم, وصححاه, وأصله في الصحيحين.
«أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها» أفضل الأعمال - يعني الأعمال البدنية -؛ لأن الأعمال تنقسم إلى قسمين: أعمال بدنية في الجوارح الظاهرة, وأعمال قلبية في الجوارح الباطنة.
والسؤال الآن عن الأعمال البدنية الظاهرة, قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها» , و «الصلاة» كلمة عامة تشمل الفجر, والظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء, لكن سبق لنا أن بعض الصلوات الأفضل تأخيرها, ما هي؟ العشاء مطلقًا, الثاني: الظهر في شدة الحر, وعليه فيكون ما تقدم مخصصًا لهذا العموم, ولكن الذي أشار إليه المؤلف في الصحيحين