كبر كسبب, والكبر هو: الطبل, فإذا مد الباء تغير المعنى بلا شك فلا يصح, وإذا قال: «الله آكبر»؛ لا يصح؛ لأنه أدخل الاستفهام على خبر المبتدأ الله هو أكبر, وهذا لا يستقيم, أما إذا نصب الجزأين في «أشهد أن محمدًا رسول الله» , فإننا وجدنا أن في ذلك لغة عربية, وهذا يقع من كثير من المؤذنين بأن يقول: «أشهد أن محمدًا رسول الله» , فعلى هذه اللغة يكون الأذان ليس فيه لحن, وهذا هو الذي ينبغي أن يفتى به, نظرًا لأننا لو ألزمنا المؤذنين بأن يضموا كلمة «رسول» لوجدنا كثيرًا منهم يخل بذلك, وما دام له وجه في اللغة العربية فالذي ينبغي أن يفتى بصحته, كذلك لو أبدل الهمزة فقال: «الله أكبر» , فإن ذلك سائغ لغة فيصح في الأذان, ثم قال:
[كيفية الأذان]
١٧٥ - وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: «رأيت بلالًا يؤذن وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا, وإصبعاه في أذنيه». رواه أحمد, والترمذي وصححه.
- ولابن ماجه: «وجعل إصبعية في أذنيه». ولأبي داود: «لوى عنقه, لما بلغ حي على الصلاة يمينًا وشمالًا ولم يستدر». وأصله في الصحيحين.
أصله في الصحيحين بألفاظ متقاربة, يقول أبو جحيفة: «رأيت بلالًا يؤذن وأتتبع فاه» هذا كان في حجة الوداع فيما يظهر, فرآه يؤذن و «يتتبع فاه» يعني: بالنظر إليه, و «فاه» بمعنى: فمه, وفيها لغتان فصيحتان, فم: بالميم, وعلى هذه اللغة تكون معربة بالحركات, والثاني: بحذف الميم, وعلى هذه اللغة تكون معربة بالحروف, فإذا قلت: هذا فمه, فاللغة صحيحة, وهو معرب بالحركات, وإذا حذفت الميم أعربته بالحروف, فقلت: هذا فوه, أيهما أشهر؟ الأشهر: أن تعرب بالحروف.
«أتتبع فاه هاهنا وهاهنا» , في رواية الصحيحين: «يلتفت يمينًا وشمالًا» , وهو أيضًا كذلك في رواية أبي داود, وقوله: «وإصبعاه في أذنيه» الجملة حالية, أي: والحال أن أصبعية في أذنيه, والمراد بالأصبعين هنا: السبابتان, وإنما وضعهما في أذنيه؛ لأنه أرفع للصوت, فإن الصوت إذا انسدت مخارج الأذنين صار له مخرج واحد, فصار أعلى وأرفع, وإذا كانت الأذنان مفتوحتين فإنه يضعف الصوت, فتكون الحكمة في جعل أصبعية في أذنيه هو زيادة ارتفاع الصوت, وفي هذا التعبير «إصبعاه في أذنيه» ما مر علينا في البلاغة من إطلاق الكل وإرادة الجزء؛ لأنه لم