٥٥٦ - وعن ضمرة بن حبيبٍ رضي الله عنه- أحد التَّابعين- قال:"كانوا يستحبُّون إذا سوِّي على الميِّت قبره، وانصرف النَّاس عنه، أن يقال عند قبره: يا فلان، قل: لا إله إلا الله- ثلاث مرَّاتٍ- يا فلان، قل: ربِّي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم". رواه سعيد بن منصورٍ موقوفًا.
- وللطَّبرانيِّ نحوه من حديث أبي أمامة مرفوعًا مطوَّلًا.
قوله:"عن ضمرة"(بالفتح)؛ لأنه ممنوع من الصرف، والمانع له العلمية والتأنيث اللفظي؛ قوله:"أحد التابعين"، التابعون هم: الذين أدركوا الصحابة- رضي الله عنهم- مؤمنون بالرسول صلى الله عليه وسلم وماتوا على ذلك، وهم أقسام.
يقول:"كانوا يستحبون"، وهذه هي الفائدة من قول ابن حجر:"أحد التابعين" لأنه إذا قال: "أحد التابعين" ثم قال: "كانوا" فإن الظاهر أنهم الصحابة، ويحتمل أنهم التابعون، لكن الأصل في مثل هذا التعبير أنه يريد الصحابة، قال:"كانوا يستحبون ... إلخ".
هذا الحديث أتى به المؤلف رحمه الله بعد الحديث الأول، والحديث الأول صحيح، أتى به ليبين كيف كان الصحابة- رضي الله عنهم- يفعلون في الميت بعد موته استنادًا إلى الحديث الأول، ولننظر هل يصح الاستناد كما قيل أو لا يصح؟
فهذا يقول:"إذا سوي على الميت قبره وانصرف الناس عنه"، من هنا تبدأ المخالفة، وفي الحديث الأول يقال متى؟ إذا فرغ من دفنه قبل الانصراف، إذن لا يكون تطبيقًا للحديث الأول، الثاني يقول:"أن يقال عند قبره يا فلان قل: لا إله إلا الله" فينادى ويلقن، والحديث الأول ليس فيه هذا، إنَّما فيه أن يسأل له التثبيت، فلا يكون هذا الحديث تطبيقًا.
"قل: لا إله إلا الله ثلاث مرات" هذا لا يستقيم أن يؤمر بالتعبد لله بعد موته؛ لأنه انقطع عمله كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ... " الحديث.
وأما أن نسأل الله له التثبيت فهذا ليس أمرًا بأن نقول:"قل: لا إله إلا الله".
أيضًا يقول:"يا فلان، قل: ربي الله" هذا ربما يكون له أصل؛ لأن الإنسان يقال له: من ربك؟ ولكن من الذي يدرينا أن الملائكة تقول له الآن: من ربك؟ حتى يكون قولنا:"قل: ربي الله" مطابقًا لزمان الجواب؟ من يقول هذا؟ ثم من يقول: إنه يسمع؟ لأن مسألة سماع الأموات مسألة الخلاف مشهور فيها، وليس فيها نص قاطع يتبين به أنه يسمع كل ما يقال عنده.