للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلانًا ويعرف أنه معصوم مسلم أو ذمي فيتعمد قتله بسيف أو خنجر أو سكين أو رصاص، فهذا عمد عدوان لأنه ليس فيه أدنى شبهة، وأما شبه العمد فأن يتعمد الجناية على معصوم بما لا يقتل في الغالب كالعصا والسوط العادي فإنه إذا ضرب إنسانًا في غير مقتل لم يقتله في الغالب لكن لو فرض أن الضربة ازدادت وتُرك حتى مات فإنه شبه عمد وليس بعمد، والخطأ ألا يقصد الجناية أصلًا مثل أن يرمي صيدًا فيصيب أدميًا، فهذه أقسام الجنايات عند العلماء والذي فيه القصاص هو الأول العمد العدوان وأما شبه العمد والخطأ فليس فيه قصاص وإنما فيه الدية والكفارة، والعمد فيه قصاص وليس فيه دية ولا كفارة إل إذا اختار أولياء المقتول الدية فإنهم يأخذونها.

[حرمة دماء المسلمين وتعظيمها]

١١١٢ - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لا يحلُّ دمُ أمريء مُسلم بشهدُ أن لا إله إلا الله، وأنًي رسول الله، إلا بإحدى ثلاثٍ: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، والمفارق للجماعة". متفق عليه.

"دمه" أي: يقتله حتى يسفك دمه، وهذا بناء على الغالب، وإلا قد يقتل بغير سفك الدم، وحديث عائشة الذي بعده أعم منه حيث قال: "لا يحل قتل مسلم" فهو أعم من أن يكون دمًا لأنه قد يقتله بخنق أو وطء على بطنه أو عصر لخصيتيه.

وقوله: "مسلم يشهد" هذه الجملة تفسير لما قبلها، لأن المسلم هو الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومعنى "يشهد" أي: يعتقد بقلبه ناطقًا بلسانه أن لا إله إلا الله وجملة "لا إله إلا الله" تشتمل على نفي وإثبات أي: أنها تشتمل على نفي لكل معبود وإثبات لمعبود واحد هو الله عز وجل، وقد اختلف المعربون في إعرابها على نحو ستة أوجه، واختلف المقدرون في تقديرها، فمنهم من قال: التقدير: لا إله موجود إلا الله، وهذا خطأ وليس بصحيح، لأنه توجد آلهة تعبد من دون الله، ومنهم من قال: المقدر محذوف تقديره: حق أي: لا إله حق إلا الله، وهذا هو الصواب، بل هو المتعين، لأنه مطابق تمامًا لقوله تعالى: ? ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل? [الحج: ٦٢]. فيكون الخبر محذوفًا تقديره حق ويكون ما بعد إلا بدلًا منه.

"يشهد أن لا إله إلا الله" أي: لا معبود حق إلا الله و"أني رسول الله" يعني: أن محمدًا رسول الله صلي الله عليه وسلم أرسله الله? سبحانه وتعالى- ولكن لابد أن تكون الشهادة بالرسالة على الوصف الذي أرسل به، يعني: لا يكفي أن يقول: إنه رسول، لأن النصارى يقولون: إن محمدًا رسول، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>