للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الذي معنا وأمثاله إنما يعني به من حيث الإطلاق، أما إذا وجدت توجب أن تفضل المفضول على الفاضل فهذه الأمور لها حكمها الخاص.

ومن فوائد الحديث: جواز إخبار الإنسان عما عنده من المال، لكن بشرط ألا يقصد بذلك المباهاة والمفاخرة، والدليل على ذلك قول الرجل: "عندي دينار" "عتدي آخر"، "عندي آخر"، ولم يعنفه الرسول صلى الله عليه وسلم بل أقره، لكن ينبغي أن يكون هذا إذا لم يقصده على سبيل المفاخرة والمباهاة وإلا فلا إثم، ينبغي أيضًا ألا يخشى بذلك ضررًا، فإن خشي بذلك ضررًا فإنه لا ينبغي أن يخبر بذلك، مثال ذلك: لو كان عندك مال كثير وأخبرت زوجتك بأن عندك ملًا كبيرًا هذا قد يكون فيه ضرر، ما هو الضرر؟ كلما شاهدت عند الناس شيئًا قالت: أعطا مثله، فتفتح عليك بابًا، وكذلك أيضًا ضررًا آخر: حكي لي أن بعض الناس في زمن سبق كان معه كيس فيه تين صرصار، وكان معه صاحب له في السفر، فصاحبه في السفر ظن أن الذي معه دراهم أو دنانير فطمع فيه- والعياذ بالله- فحدثته نفسه أن يقتله، ويأخذ هذا الكيس، يقول: فلما كان ذات يوم ذهب بعيدًا، ثم جاء يقول: أعطني البندق إني رأيت أرنبًا، فكان هذا الرجل ذكيًّا ثم إنه أحس منه برائحة نتنة؛ لأن الإنسان إذا كان عنده شيء من الفتنة ظهرت رائحته، وهذا قد جرب في الأسفار، يقول: فلما قال: هات البندق، يقول: شممت رائحة خيانة، يقول: أخذت الكيس، وقلت: هنا ليس بدراهم هذا تين صرصار، قال: لا، أبدًا ما قصدت هذا. القصد من هذا: أنك لو خشيت ضررًا على نفسك فلا ينبغي، أمَّا إذا كانت المسألة مأمونة فلا بأس بذلك.

[حكم صدقة المرأة من مال زوجها]

٦٠٦ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة؛ كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئًا". متَّفقٌ عليه.

الحمد لله هذه نعمة كبيرة، هذا شيء واحد صار الأجر فيه لثلاثة: أولًا: المرأة. والثاني: الزوج. والثالث: الخادم. فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها"، كلمة "المرأة" هنا هل المراد بها: الزوجة أو ما هو به أعم؟ الثاني، يعنى: المرأة القائمة على البيت، سواء كانت الزوجة أو الأم، قد يكون الرجل ليس له زوجة، ولكن له أم وهو الذي يأتي بالمال، أو له أخته المهم ممكن أن نقول: إن المرأة هنا: ربة البيت، سواء كانت الزوجة أو غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>