هل هو على سبيل التخيير والتشهي، أو أنه ينبغي أن ينظر الإنسان لمقتضى الحال؟ إذا كان الكسوف قد بدأ يضمحل فإنه يجعل ركوعين في كل ركعة، وإن كان الكسوف في أوله ولاسيما أننا في الوقت الحاضر نعلم أنه سيبقى ساعتين، أو ثلاثًا فإننا نزيد في الركوعات، نعم يمكن أن يقال بهذا، لكن الذي أختاره: أن نقتصر على المرفوع الصحيح وهو أربع ركوعات في ركعتين وأربع سجدات.
[الدعاء عند هبوب الريح]
٤٨٤ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"ما هبت الريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وقال: اللهم اجعلها رحمةً، ولا تجعلها عذابًا". رواه الشافعي والطبراني.
قوله:"هبت" يعني: تحركت، وقوله:"قط" هذه- كما مضى- ظرف مبني على الضم في محل نصب، وقوله:"إلا جثا" بمعنى: برك، وقوله:"على ركبتيه" يعني: برك على ركبتيه، هكذا وهذه صفة الخائف من الشيء يبرك على ركبتيه، يكون كالمستلقي في الصلاة، لكن ينزل ظهره.
قوله:"اللهم اجعلها رحمة"؛ اجعلها أي: هذه الريح، وعلى هذا فهي مؤنثة كما جاءت في القرآن:{ريح فيها عذب أليم}[الأحقاف]. فهي لفظها مذكر لكن معناها مؤنث، "ولا تجعلها عذابًا"؛ لأن الرياح بعضها رحمة وبعضها عذاب.
واعلم أن الرياح من آيات الله عز وجل كما قال الله تعالى:{إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ... } إلى قوله: {وتصريف الريح}[البقرة: ١٦٤]. فتصريف الرياح من آيات الله عز وجل يصرفها شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، تصريف في الجهة، يصرفها في الحركة والاندفاع، بعضها شديدة وبعضها خفيف، يصرفها في المصالح والمضار، يصرفها في الحر والبرد، يصرفها في الارتفاع والانخفاض ... إلى غير ذلك مما لا نعلمه، تصريف هذه الرياح من آيات الله بلا شك، لو اجتمعت جميع ماكينات العالم على أن تجعل الرياح من جهة محدودة مثل تلك الرياح العاصفة لا يستطيعون، ولكن من له القدرة على كل شيء يفعل ذلك- سبحانه وتعالى-، ففي هذه الرياح آيات عظيمة من آيات الله، وهي تأتي بالخير وتأتي بالشر، ولهذا ثبت في صحيح مسلم- وليت المؤلف جاء به- من حديث عائشة أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- كان