للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل الأحاديث التي فيها لا تخلو من مقال وضعف، لكن فيها حديث المغيرة وهو لا بأس به، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الراكب خلف الجنازة والماشي حيث يشاء منها". فجعل الماشي مخيرًا يكون أمامها، خلفها، عن اليمين، عن الشمال، أما الراكب فيكون في الخلف؛ لماذا؟ لئلا يعيق الناس عن المشي؛ لأن الدابة ربما تحزن، وربما تهون المشي فيعيق الناس، ثم لو قلنا له: ينبغي لك أن تتقدم وكان في مؤخر الناس لزم من هذا أن يؤذيهم بالعبور من عندهم، فلهذا صار المشروع أن يكون خلفها.

والظاهر لي في هذه المسألة: أن الأمر فيها واسع، يكون الإنسان أمامها، يكون خلفها يكون عن يمينها، يكون عن شمالها، أما الذي يريد أن يحمل فأمره ظاهر لابد أن يكون قريبًا منها من أي اتجاه، لكن الكلام على من يمشي أمامها قد يقال: إن هذا فعل وقضية عين، رأوا أن الأنسب في تلك القضية بعينها وما دام حديث المغيرة لفظه يقول: الماشي حيث شاء منها فإن اللفظ له مدلول عام، فيكون أولى بالإتباع.

فنقول: من أراد أن يمشي أمامها فعل، أو خلفها فعل، أو عن يمينها فعل، أو عن شمالها فعل، لكن أحيانًا يكون الإنسان لا يستطيع أن يمشي أمامها فهنا يمشي خلفها؛ لأنه يتعب، وأحيانًا يرى الإنسان أنهم يسرعون فيه إسراعًا كثيرًا فيجب أن يمشي أمامهم لأجل أن يخفف من هذا الإسراع لا سيما إذا كان له كلمة بحيث يقول: لا تشقوا على الناس أو ما أشبه ذلك، فما دام الأمر موسعًا فلينظر الإنسان إلى المصلحة ويتبعها.

[النهي عن اتباع النساء للجنازة]

٥٤٥ - وعن أمِّ عطيَّة رضي الله عنها قالت: "نهينا عن اتِّباع الجنائز، ولم يعزم علينا". متَّفقٌ عليه.

أم عطية من نساء الأنصار، وكانت رضي الله عنها ممن يغسل الأموات من النساء، ولها أحاديث كثيرة، تقول: "نهينا عن كذا" فإنه يحمل على أن الناهي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو الذي له الأمر والنهي في عهد الصحابة- رضي الله عنهم-، ولا سيما إذا كانت المسألة من الأمور الشرعية التي لا تصدر إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأهل العلم يقولون: إن الصحابي إذا قال: "أمرنا" أو "نهينا" فإنه يحمل على الرفع، حتى لو جاء أحد من الناس، وقال: هذا ليس صريحًا في الرفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>