تحريم الطيب على المحرم، وهذا الحديث يدل على جواز استعمال الطيب عند الإحرام، ولازم ذلك أن يبقى الطيب في الإشارة بعد إحرامه، بل صريح ذلك كما جاء في حديث آخر قال:"كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم"، "ويص" بمعنى: البريف واللمعان وهو محرم.
فيستفاد من حديث عائشة: أن استدامة الطيب للمحرم ليست حرامًا وهذا صحيح، والعلماء أخذوا من هذا قاعدة وقالوا: إن الاستدامة أقوى من الابتداء، فالطيب للمحرم استدامته جائزة وابتداؤه لا تجوز، الرجعة للمحرم -يعني: إذا راجع زوجته وقد طلقها- جائزة وابتداء عقد النكاح لا يجوز، وهذه القاعدة صحيحة وسليمة.
وقول عائشة:"كنت أطيب" يستفاد منه: أنه يجوز للرجل أن يستخدم زوجته في حوائجه الخاصة كالتطيب.
وقولها:"ولحله قبل أن يطوف بالبيت" يستفاد منه: أن المحرم يحل في الحج قبل أن يطوف البيت، ولكن هذا الحل هو التحلل الأول أو الأصغر كما يعبر عنه بعض الناس، أما الثاني فلا يكون إلا بعد الطواف والسعي.
ويستفاد من الحديث: أنه لا حل قبل الطواف، وأنه لا يحل التحلل الأول برمي جمرة العقبة كما قال به كثير من أهل العلم، فالصواب أنه لا يحل إلا بالرمي والحلق أولًا؛ لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان ذكر الحلق ضعيفًا، ولكن يؤيده حديث عائشة هذا فإنها قالت:"ولحله قبل أن يطوف"، ولو كان يحل قبل الحلق لقالت: ولحله قبل أن يحلق. ثانيًا: أننا إذا قلنا: لا تحل إلا بعد الحلق كان ذلك أحوط، فإنه لو أخر الحل إلى ما بعد الحلق لم يقل أحد: إنك آثم، ولو حل قبل أن يحلق لقال له كثير من العلماء: إنك آثم، فيكون هذا أحوط وأبرأ للذمة.
ويستفاد من هذا الحديث أيضًا: أنه ينبغي للإنسان أن يتطيب عند حله وهذه سنة، كثير من الناس إما أنه يجهلها أو يفرط فيها.
[النهي عن النكاح والخطبة للمحرم]
٦٩٨ - وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب". رواه مسلم.
"لا" نافية، لكن النفي هنا بمعنى النهي، ويقع النفي موقع النهي إثباتًا له كأنه قبل: إن هذا