للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث عبد الله بن مسعود أنه سأل النَّبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها) قال: ثم أي؟ قال: ثم أي؟ قال: (بر الوالدين) قال ثُم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) فجعل الجهاد مؤخرًا على بر الوالدين، لأن وجوبه عام بخلاف وجوب بر الوالدين فهو خاص.

ومن فوائد الحديث: أن القيام ببر الوالدين يقوم مقام الجهاد في سبيل الله لقولة: (فيهما فجاهد).

ومن فوائد الحديث: حرص الدين الإسلامي على ائتلاف الأسرة وعدم تفرقها وتمزقها، خلافًا لما عليه الكفار اليوم وقبل اليوم من تفكيك الأسر، حتى إن الواحد منهم إذا بلغ سن ثماني عشرة انفصل ولابد، ويكون مع أبيه كالرجل الأجنبي، لأنه ليس عندهم دين يبين لهم ويحثهم على التآلف والاجتماع.

١٢١٢ - ولأحمد وأبي داود: من حديث أبي سعيٍد نحوه، وزاد: (ارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك وإلا فبرَّهُما)

هذه الزيادة تدل على أن الرجل كان أهلا للجهاد، لكن النّبي صلى الله عليه وسلم فضل قيامه ببر الوالدين على الجهاد، ولهذا قال: (أستأذنهما)

ومن فوائد هذه الرواية: أن ما وجب لحق الغير فأسقطه الغير فإنه يسقط، فلو أن الأب أو الأم أسقطا عن الولد برهما وقالوا: نحن نسمح لك أن تفعل كذا، فقال: أنتما محتاجان لي.

قالوا: نسمح لك اذهب، ففي هذه الحال نقول: يجوز له أن يفعل إلا إذا علم أنهما قالا ذلك حياء وخجلًا، أو قالا ذلك لقوة رحمتهما للوالد وأنهما في حاجة، مثلًا لو قالا ما حاجة تبيت عندنا اذهب بت حيث شئت، وهو يعلم أنهما قالا ذلك شفقة عليه ورحمة به، ففي هذه الحال لا يطيعهما ما داما محتاجين بأن يبيت عندهما.

[حكم الإقامة في دار الكفر]

١٢١٣ - وعن جريرٍ البحلي رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من كل مسلم يقيمُ بين المشتركين) رواهُ الثَّلاثة وإسناده صحيح، ورجح البخاري إرساله.

<<  <  ج: ص:  >  >>