للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدَّرنا أنهم عشرون نفرًا، ووجب عليه صيام شهرين متتابعين فكل واحد يصوم ثلاثة أيام، لو صام واحد ثلاثة أيام والآخر ثلاثة أيام والثالث ثلاثة أيام ما صام كل واحد شهرين متتابعين حتى لو فرض أنه كلما فرغ واحد من ثلاثة شرع الثاني ثم الثالث ... إلخ، فإنه لا يصح؛ لأنه لم يصم كل واحد شهرين متتابعين، أما في رمضان فيمكن؛ لأن الله قال: {فعدَّةٌ من أيَّامٍ أخر} مطلقًا، ولهذا لو كان عليه عشرة أيام من رمضان وكان أولياؤه عشرة وصاموا في يوم واحد يجزئ.

* * * *

١ - باب صوم التَّطوُّع وما نهي عن صومه

"صوم التطوع" من باب إضافة الشيء إلى نوعه؛ لأن الصوم قد يكون واجبًا كرمضان والكفارة والفدية، وقد يكون تطوعًا، ثم قال: "وما نهي عن صومه" من الأيام والنهي عن الصوم قد يكون لأمر يتعلق بالشرع، وقد يكون لأمر يتعلق بالزمن كما سيأتي- إن شاء الله تعالى-، صوم التطوع من محاسن الدِّين الإسلامي، ومن رحمة الله تعالى بعباده؛ لأن صوم التطوع يكمل به الخلل الحاصل في صوم الفرض.

ثانيًا: يزداد به إيمان الإنسان وثوابه عند الله عز وجل، ولولا أن شرع صوم التطوع لكان صوم التطوع بدعة يأثم به الإنسان، على هذا نقول: صوم التطوع فيه فائدتان:

الأولى: تكميل الخلل الحاصل بالفرائض.

الثانية: زيادة الأجر والثواب للفاعل، وقوله: "وما نهي عن صومه"، النهي معناه: طلب الكفّ على وجه الاستعلاء، ويشمل هنا المنهي عنه تحريمًا والمنهي عنه تنزيهًا.

[فضل صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء]

٦٤٦ - عن أبي قتادة الأنصاريِّ رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة. فقال: يكفِّر السَّنة الماضية والباقية، وسئل عن صوم يوم عاشوراء. فقال: يكفِّر السَّنة الماضية، وسئل عن صوم يوم الاثنين، فقال: ذلك يومٌ ولدت فيه، وبعثت فيه، أو أنزل عليَّ فيه". رواه مسلمٌ.

هذه ثلاثة أيام سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صومها أولًا: "يوم عرفة" ويوم عرفة: هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وسمِّي بذلك؛ لأن الناس يقفون فيه بعرفة، و"عرفة" اسم موضع معروف يقف الناس فيه في مناسك الحج، وهو ركن الحج الذي لا نظير له في العمرة؛ لأن أركان الحج غير الوقوف لها نظير في العمرة كالطواف، والسعي، والإحرام، أما الوقوف فلا نظير له، ومن ثمَّ قال

<<  <  ج: ص:  >  >>