للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد بذلك؟ قال: «أراد ألا يحرج أمته». فدل هذا التعليل من ابن عباس وهو المفقه في الدين على أنه كلما كان الحرج في عدم الجمع جاز الجمع, وهذا هو الضابط.

ومن فوائد هذا الحديث: بيان تفاضل الأعمال لقوه: «وهو أعجب الأمرين إلي». «أعجب» بمعنى: أحسن, كما في حديث عائشة: «كان يعجبه التيمن». أي: يستحسنه, ففيه دليل على تفاضل الأعمال, وأن بعضها أفضل من بعض, وهذا ثابت بالقرآن والسنة, ولا إشكال فيه أن بعض الأعمال أفضل من بعض, قال الله تعالى: {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرًا عظيمًا} [النساء: ٩٥]. مع أنهم كلهم في جهاد, يعني: القاعد لم يجاهد, لكن المجاهد بنفسه وماله يتفاضل جهاده بحسب ما بذل من نفس ومال, ثم قال المؤلف:

[حكم الاغتسال لكل صلاة للمستحاضة]

١٣٣ - وعن عائشة رضي الله عنها, «أن أم حبيبة بنت جحشٍ شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم, فقال: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك, ثم اغتسلي, فكانت تغتسل لكل صلاة». رواه مسلم.

قولها: «أن أم حبيبة بنت جحش» والأولى التي في الحديث الذي قبل هذا «حمنة بنت جحش» , بقي «زينب جحش» هؤلاء الثلاث أخوات «زينب بنت جحش» إحدى أمهات المؤمنين, قال بعض العلماء: إنها أيضًا استحيضت لكنه لم يثبت فيها الذي ثبت في حمنة, الثانية «أم حبيبة» شكت إلى رسول الله - أي: رفعت إليه الشكوى - هو الإخبار بما يؤلم الإنسان نفسيًا, أو جسديًا هذه هي الشكوى, «شكت إليه الدم» يعني: كثرته, فهو على حذف المضاف, والتقدير: «كثرة الدم» , قال لها: «امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك» هذه لها عادة, ولهذا قال لها: «اجلسي قدر ما كانت تحبسك حيضتك» , وأختها لم يقل لها رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ذلك, بل قال: «سبعة أيام, أو ستة». وكأنه عليه الصلاة والسلام - علم أن الأولى - أعني: حمنة ليس لها عادة ولا تمييز, والثانية لها عادة ولهذا لم يستفصل, بل حكم بدون استفصال أنها تمكث «قدر ما كانت تحبسك حيضتك, ثم اغتسلي» بعدما تنتهي المدة؛ لأننا حكمنا بطهارتها, قالت: «فكانت تغتسل لكل صلاة» , وهذا يدل على أنه اجتهاد منها أي: كانت تغتسل يعني: دون أن يأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك لكن سبق أن حمنة أرشدها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل

<<  <  ج: ص:  >  >>