فإن قال قائل: إذا كانت إحداهما ثخينة وطويلة والأخرى بالعكس، ثوب الأخيرة بعشرة ثوب الأولي بعشرين هل يلزمه أن يعطي الأولي ذات الثوب القصير ما زاد على ثوبها؟ لا، بل وأعطاها كان جائرًا، ولهذا لو قالت صغيرة الجسم: أنت اشتريت لفلانة ثوبًا بخمسين اشتريت لي ثوبًا بثلاثين فأريد منك عشرين، يقول لها: كوني مثلها وأعطيك مثلها هذا هو العدل، إذن العدل في كفاية ما يكفي كل واحدة، وفيما زاد عليها على الكفاية يعطي كل واحدة مثل ما يعطي الأخرى كالدراهم والأواني وشبهها، أما الثياب فمعروف أن كل واحدة على قدرها.
ومن فوائد الحديث: أن عدم العدل بين الزوجات من كبائر الذنوب، الدليل أن عليه وعيدًا في الآخرة، وكل ذنب فيه وعيد في الآخرة فإنه من كبائر الذنوب.
القسم للبكر والفرق بينهما وبين الثَّيب عند الزواج:
١٠١٤ - وعن أنس رضي الله عنه قال:"من السُّنَّة إذا تزوَّج الرَّجل البكر على الثَّيِّب أقام عندها سبعًا ثمَّ قسم، وإذا تزوَّج الثَّيِّب أقام عندها ثلاثًا ثمَّ قسم". متَّفق عليه، واللَّفظ للبخاريِّ.
سنة من؟ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قال الصحابي: من السُّنة فإنه يريد سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابي لا يقول:"من السنَّة" إلا في مقام الاستدلال على الحكم، ولا دليل في الأحكام إلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فإن قال التابعي:"من السنَّة" فهل يراد بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أو سنة الخليفة الذي جاء به؟ في هذا قولان لأهل العلم؛ فمنهم من قال: إن المراد بقول التابعي: "من السنة" سنَّة النَّبي صلى الله عليه وسلم، وعلي هذا القول يكون الحديث مرسلاً؛ لماذا؟ لأن التابعي لم يدرك النَّبي صلى الله عليه وسلم إنما أدرك الصحابة، ومنهم من قال: بل إذا قال التابعي: "من السنَّة" فيعني بذلك سنة من أدركه من الخلفاء، وعلى هذا فيكون قوله موقوفًا.
والخلاصة: أنه إذا قال الصحابي: "من السنَّة" فالمراد بها: سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون له حكم الرفع، وإذا قال التابعي:"من السنَّة" فللعلماء في ذلك قولان أحدهما مرفوع حكمًا كقول الصحابي، وعلى هذا يكون هذا الحديث مرسلاً لسقوط الصحابي منه، ومنهم من قال: بل المراد بالسنة: سنة الخليفة الذي كان في عهده، وعلى هذا فيكون موقوفًا، إذن هل يكون حجة؟ نقول: إذا قلنا: إنه في حكم الرفع لم يكن حجة لعدم اتصال السند، وإذا قلنا: إنه موقوف، فإن قلنا: إن قول الصحابي حجة فهو حجة، وإن قلنا: إنه ليس بحجة فليس بحجة،