والحديث الذي معنا "من السنة" القائل صحابي هو أنس، ويقول أبو قلابة: لو شئت لقلت: إن أنسًا رفعه؛ أي: رفعًا صريحًا، وقوله:"من السنَّة" المراد بـ"السنة": الطريقة، وليس المراد بـ"السنة": ما يقابل الواجب؛ لأن هذا المعنى-أعني: أن السنة ما يقابل الواجب- إنما هو اصطلاح للأصوليين، أما إذا قال الصحابة: من السنة فإنه يشمل الواجب والمستحب، وإذا كان كذلك فلننظر هل هذا القسم الابتدائي واجب أو سنة؟ سيأتينا- إن شاء الله- أنه واجب.
وقوله:"إذا تزوج الرجل البكر على الثيِّب أقام سبعًا"، وإن تزوج بكرًا على بكر؟ يمكن أن يعقد على امرأة ولا يدخل عليها وهي بكر ويبقي عندها لا يجامعها ثم يتزوج أخري فيكون قد تزوج بكرًا على بكر، والظاهر أن الحكم واحد، وأن قول الرسول ضلي الله عليه وسلم:"إذا تزوج البكر على الثَّيب"، من باب الأغلب، "أقام عندها سبعًا" لماذا لم نقل سبعة؟ لأن سبعًا لليالي وسبعة للأيام، والعمدة في القسم بين الزوجات هي الليالي إلا لمن معيشته في الليل كالحارس، فالعمدة النهار، وإذا تزوج الثيب على من؟ على ثيب أو على بكر أقام عندها ثلاثًا ثم قسم، وهذا القسم واجب ما لم تسقطه المرأة فإن أسقطته فالحق لها.
وإنما فرق النَّبي صلى الله عليه وسلم بين الثيَّب والبكر لوجهين:
الوجه الأول: أن رغبة الإنسان بالبكر أقوى من رغبته بالثيِّب، فجعل له النَّبي صلى الله عليه وسلم مهلة أوسع ليتمتع بها ويقضي نهمته منها بخلاف الثيَّب فهي دون ذلك.
الثاني: أن هذا أرأف بالمرأة؛ لماذا؟ لأن البكر عادة تستوحش-تخجل- فتحتاج إلي تمرين وإلي مدة أكثر حتَّى تستأنس بالرجل وتميل إليه، وهذا هو الغالب في الأبكار، وإن كان من الأبكار من عندهن من السعة وعدم الخجل أكثر مما عند الثيَّب، لكن الغالب أن البكر تكون ذات خجل وتحتاج إلي من يؤنسها ويطيل البقاء عندها؛ فلهذا جعل النَّبي صلى الله عليه وسلم لها، "سبع ليال"، إذا دخل بالليل، واضح السبع الليال، ينتهي القسم في آخر اليوم السابع، لكن إذا دخل عليها في النهار فهل نقول: إنه في هذه الحال جعل الليل تبعًا وينتهي القسم في صباح الثامن، أو نقول: إن النهار تابع لليل وأن دخوله بها في النهار وهذا هو الأقرب؛ لأن الليل هو محل الأنس وإزالة الوحشة.
وإذا تزوج الثيِّب أقام عندها ثلاثًا"، من الثيَّب؟ الثيب هي التَّي قد تزوجت وجامعها زوجها ولو تزوج بكرين علي ثيَّب. إنسان عنده بنت وعنده بنت أخ وعقد على ابنته وبنت أخيه