الرجال، فإذا لم يوجد رجل- فيما لو كان الواجب أن يباشر التغسيل رجال- مثلًا: مات رجل بين نساء فماذا نصنع؟ يقول الفقهاء: إنه ييمم فيضرب الإنسان يديه على الأرض، ويمسح بهما وجه الميت وكفيه. وقال بعض العلماء: بل يغسله النساء بدون مباشرة بأن يصب عليه الماء صبًا بدون أن تباشر النساء؛ لأن المحذور هو المباشر ولمس ما لا يجوز لمسه، فإذا زال هذا يصبه فلا بأس به، وإذا قلنا: بأن تغسيل الميت ليس للتعبد بل هو للتنظيف، فهل يشرع التيمم إذا لم يحضر المرأة نساء أو المرأة رجال؟ لا يشرع، لأن التيمم الآن لا يفيد؛ ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الأغسال المستحبة إذا فقد الإنسان الماء فيها أو كان يضره استعماله فإنه لا يتيمم لها؛ لأن الأغسال المستحبة ليست عن جنابة، وإنما هي للتنظيف والتطهير فإذا لم يجد الماء أو كات الماء يضره فإنه لا يتيمم، والله عز وجل إنما ذكر التيمم في الطهارة الواجبة ولم يذكره في الطهارة المستحبة، لكن أكثر الفقهاء يقولون: إنه يشرع التيمم إذا عدم الماء في الأغسال المستحبة التي يتضرر بها.
[تكفين الميت وأحكامه]
٥١٩ - وعن عائشة رضي الله عنه قالت:((كفِّن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثوابٍ بيضٍ سحوليَّةٍ من كرسفٍ، ليس فيها قميصٌ ولا عمامةٌ)). متَّفقٌ عليه.
((كفن)) أصل التكفين بمعنى: التغطية، والكفن والكفت معناه: التغطية كما قال الله عز وجل: {ألم نجعل الأرض كفاتًا (٢٥) أحياءً وأمواتًا} [المرسلات: ٢٥ - ٢٦]. والكفن سمي بذلك؛ لأنه يغطي الميت.
قالت:((كفِّن)) من الذي كفنه؟ كفنه من تولى تجهيزه ومنهم عليّ بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب.
تقول:((في ثلاثة أثواب))، الثوب: هو القطعة من القماش سواء كان مخيطًا أم غير مخيط، وأما المعروف عندنا في اللغة العامية فهو أن الثوب هو المخيط، بل القميص فقط وهذه لغة عرفية خلاف اللغة العربية، ((في ثلاثة أثواب بيض سحولية)) نسبة إلى بلدة في اليمن تسمى ((سحول)).
وقولها:((من كرسف)) أي: من قطن، فـ ((من)) هنا بيانية كقولهم: خاتم من فضة، خاتم من ذهب.