وقولها:((ليس فيها قميص)) القميص: هو هذا الثوب المعروف بالأكمام، ((ولا عمامة)) هي: ملبوس الرأس؛ أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في هذه الأثواب الثلاثة، ولم يكفن بقميص ولا عمامة، هذا هو المعنى المتبادر من الحديث، وأما من زعم من أهل العلم: أن المعنى ليس فيها قميص ولا عمامة، أي: أنها ثلاث أثواب زائدة على القميص والعمامة، وأن المشروع أن يكفن الرجل في خمسة أثواب: القميص، والعمامة، وثلاثة أثواب يلف بها فهذا بعيد من اللفظ، والصواب: أن قولها: ((ليس فيها قميص ولا عمامة)) تنفي ما قد يظن أن لباس الميت كلباس الحي حتى يتبين أن الكفن عبارة عن قطعة من خرق يلف بها الميت يدرج بها إدراجًا، قال العلماء: وكيفية ذلك أن توضع اللفائف بعضها فوق بعض بعد أن تطيب بالبخور أو نحوه، ويوضع الميت عليها ثم يردُّ طرف اللفافة العليا الأيمن، ثم يرد عليه الأيسر، ثم يفعل في الثانية التي تحتها كذلك، ثم في الثالثة كذلك، قالوا: وينبغي أن يجعل أكثر الفاضل عند الرأس، ثم يعقد هذه الخرق الثلاث ويحل العقد في القبر، يعقدها لئلا تنتشر مع حمل الميت والمشي به، فإذا وصل إلى القبر فإنها تحلّ.
فيستفاد من هذا الحديث: أن المشروع أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب، وأنه ليس من المشروع أن يكون فيها قميص ولا عمامة.
ويستفاد منه: أن الأفضل في الكفن أن يكون أبيض، وقد دل على ذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على لباس البياض، وهل يدل على أن الأفضل أن يكون الكفن من القطن لقولها:((من كرسف))، أو أن هذا وصف فردي لا اعتبار به؟ يحتمل هذا، وهذا يحتمل أن يقال: إن الأفضل أن تكون من القطن؛ لأن الصوف في الغالب يكون حارًا، فيؤثر في بدن الميت؛ ولأن غيره قد يكون فيه مباهاة ومفاخرة، وأما الحرير فهو حرام.
ويستثنى من هذا الحديث المحرم، فإن المحرم يكفن في ثياب إحرامه في إزاره وردائه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته راحلته:((كفنوه في ثوبيه))، فهذا مستثنى، وإلا فكل ذكر يسن أن يكفن في هذا، وما هو الواجب من هذه الثلاثة الأثواب؟ الواجب ثوب واحد يستر جميع الميت.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه لابد أن يكون الكفن شاملًا لجميع البدن، من أين يؤخذ؟ من قولها:((كفن في ثلاثة))، و ((في)) للظرفية، والظرف لابد أن يكون محيطًا بماذا؟ بالمظروف، وعلى هذا فلابد أن يكون الكفن شاملًا لجميع الميت، فإن لم يوجد كفن يشمل جميع الميت