ومن فوائد الحديث: أن أداءها بعد الصلاة غير مجزئ، لأنه خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد". وبهذا نعرف ضعف قول من يقول من أهل العلم: إنه إذا أداها بعد صلاة العيد في يوم العيد أجزأت مع الكراهة، فنقول له: أين دليلك على الإجزاء، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وهو إذا أدّاها بعد الخروج للصلاة فقد فعل ما لم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، بل فعل ما يخالف أمر الرسول، وإذا فعل ما يخالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مردود، وأيضًا سيأتيننا في حديث ابن عباس قال:"من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" وهذا نص صريح في موضع النزاع فيجب المصير إليه؛ لأن النص سواء كان من القرآن أو السنة إذا كان صريحا في موضع النزاع وجب المصير إليه، ولا يمكن أن يكون مقبولًا رفضه.
ومن فوائد الحديث: بيان حكمة الشرع في تسوية الناس في مقدار الزكاة وإن اختلفت أجناسها، أو في التسوية في الواجب للزكاة وإن اختلفت أجناسها؛ لأنه قال:"صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير"، حتى لا يختلف الناس في ذلك فيقول هذا: أنا أخرج من جنس جيد نصف صاع. ويقول الثاني: أنا أخرج من جنس رديء صاعين مثلًا، نقول: لا، الشارع قدرها صاعًا لا زيادة فيه ولا نقص، وبهذا نعرف ضعف قول من ذهب إلى أنه إذا كانت الزكاة- زكاة الفطر- من نوع جيد فإنه يجزئ نصف الصاع بدلًا عن الصاع، وممن ذهب إلى ذلك معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، واختار هذا أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: إن صدقة الفطر من البر يجزئ فيها نصف الصاع، وقاس ذلك على الكفارات، فإن الكفارات تجدون في كتب الفقهاء يقولون: الواجب مد بر أو نصف صاع من غيره، والصواب في هذه المسألة- أعني: زكاة الفطر- أنه لا بد فيها من الصاع ولو كان النوع جيدًا؛ لقول أبى سعيد رضي الله عنه:"أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لو أدّاها من اللباس يصح؟ لا يصح؛ لأن الشارع فرضها من الطعام.
[الحكمة من صدقة الفطر]
٥٩٧ - ولابن عديٍّ والدَّارقطنيِّ بإسنادٍ ضعيفٍ: "أغنوهم عن الطَّواف في هذا اليوم".
"الطواف" معناه: التردد على الشيء، "أغنوهم" الضمير يعود على الفقراء، الهاء والواو تعود على الأغنياء الذين يدفعونها، وهذا فيه إشارة إلى الحكمة من وجوب الزكاة، وكونها في يوم