فقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أمر أصحابه أن يحلُّوا لم يأت عنه حرف واحد يقول: واقضوا من العام القادم، ولو كان واجبًا لبيّنه لهم؛ لأنه يجوز أن يذهب بعضهم إلى أهله ولا يلتقي بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأما أهل المدينة، فقد يقال: إنه سيعلمهم بعد ذلك، لكن ليس كلهم من أهل المدينة، فلما لم يرشدهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه واجب علم أنه ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجبًا لوجب على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبلِّغهم.
ثانيًا: أن الذين قضوا العمرة من العام القابل كما قال الشافعي وغيره لم يكونوا جميع الذين حضروا صلح الحديبية بل كانوا أقل؛ لأن الذين حضروا صلح الحديبية كانوا ألفًا وأربعمائة، والذين قضوا العمرة دون ذلك، وهذا يدل على أن القضاء ليس بواجب؛ إذ لو كان واجبًا لحضر كل من كان معه في الحديبية، واستدلوا بالنظر قالوا لأن هذا واجب تعذر عليه إتمامه؛ يعني: أن الحج والعمرة يجب إتمامه، لكن هذا واجب عجز عنه، والقاعدة الشرعية: أن الواجبات تسقط بالعجز، فيكون هذا الذي أحصر سقط عنه وجوب الإتمام بالعجز عنه، فنرجع الآن لما سقط وجوب الإتمام بالعجز نرجع إلى الأصل، ما هو الأصل؟ أنه تطوع الذي شرع فيه أم واجب؟ تطوع، فنقول: لا شك أن الأفضل أن تأتي به، ولكنه ليس بواجب، ولهذا أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم، أما أن نوجبه وهذا الرجل إنما ترك الإتمام لعجزه عنه، فإننا لا نوجبه عليه وهذا هو الحق وهو الصحيح أنه لا قضاء عليه، ولكن إذا كان هذا الشيء واجبًا كما قلنا فإنه يجب عليه القضاء؛ لأنه مطالب به بالدليل الأول بماذا نجيب عن الذين أوجبوا القضاء؟ نقول: قولكم إن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله والأصل أنه أسوة لنا نقول: إن القاعدة المعروفة عند العلماء: أن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب، ونحن نوافقكم على أن الأفضل أن نأتي به، لكن الوجوب شيء والأفضل شيء آخر. هذا واحد، ثانيًا: نقول: إن قولهم: قضاء هذا من المقاضاة أو القضية، وليس من باب القضاء المعروف عند الفقهاء.
[الاشتراط عن الإحرام وأحكامه]
٧٤٦ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"دخل النَّبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزُّبير بن عبد المطَّلب ك، فقالت: يا رسول الله، إنِّي أريد الحجَّ، وأنا شاكية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حجِّي واشترطي: أنَّ محلِّي حيث حبستني". متَّفق عليه.